"المصنف"، وروى ابن أبي شيبة أيضًا عن قتادة أنه قال: إذا لم تتعرض لك فلا تقتلها.
قال العراقي: وأما من قتلها في الصلاة، أو هَمَّ بقتلها، فعليّ بن أبي طالب، وابن عمر، وروى ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح أنه رأى ريشة، وهو يصلي، فحسب أنها عقرب، فضربها بنعله. ورواه البيهقي أيضًا، وقال: فضربها برجله، وقال: حسبت أنها عقرب.
ومن التابعين الحسن البصري: وأبو العالية، وعطاء، ومورّق العجلي، وغيرهم انتهى.
واستدلّ المانعون من ذلك إذا بلغ إلى حد الفعل الكثير، كالهادوية، والكارهون له، كالنخعي، بحديث "إن في الصلاة لشغلا"، وبحديث "اسكنوا في الصلاة".
ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب خاص، فلا يعارض ما ذكروه، وهكذا يقال في كل فعل كثير ورد الإذن به، كحديث حمله - صلى الله عليه وسلم - لأمامة، وحديث خلعه للنعل، وحديث صلاته - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، ونزوله للسجود، ورجوعه بعد ذلك، وحديث أمره - صلى الله عليه وسلم - بدرء المارّ، وإن أفضى إلى المقاتلة، وحديث مشيه لفتح الباب الآتي بعد باب، وكل ما كان كذلك ينبغي أن يكون مخصصًا لعموم أدلة المنع. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله -تَعَالَى- (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الشوكاني رحمه الله -تَعَالَى- حسن جدا.
والحاصل أن القول بجواز قتل الحية والعقرب في الصلاة هو الحق؛ لوضوح دليله. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٢٠٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ- عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ ضَمْضَمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (محمَّد بن رافع) النيسابوري، ثقة عابد [١١] تقدم ٩٢/ ١١٤.
٢ - (سليمان بن داود) أبو داود الطيالسي البصري، ثقة حافظ غلط في أحاديث [٩] تقدم ١٣/ ٣٤٣.
٣ - (هشام بن أبي عبد الله) سَنْبَر الدستوائي البصري، ثقة ثبت من كبار [٧] تقدم ٣٠/ ٣٤.
والباقون تقدموا في السند الماضي، والحديث صحيح كما سبق بيانه. والله -تَعَالَى-
(١) "نيل الأوطار" ج ٢ ص ٣٩٦.