للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تطوعا) مفعول "يصلي"، أي كان يصلي صلاة تطوع.

(والباب على القبلة) مبتدأ وخبر، والجملة حال من فاعل "يصلي"، أي والحال أن الباب في جهة القبلة.

وأرادت عائشة - رضي الله عنها - بذلك قطع توهم من يتوهم أن هذا الفعل يستلزم ترك استقبال القبلة، فذكرت أن الباب كان في جهة القبلة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستدبر القبلة في حال مجيئه، إليها، وفتحه الباب لها، ثم رجوعه إلى مكان صلاته (فمشى عن يمينه، أو عن يساره) الظاهر أن "أو" للشك من بعض الرواة، ولا ينافي هذا قولَهَا: "والباب على القبلة"، لأن المراد به أن الباب ليس في دبر القبلة بحيث يؤدي فتحه إلى استدبارها، بل هو في جهتها، إلا أنه يميل إلى اليمين أو اليسار، بحيث لا يستلزم فتحه استدبارَها، بل يميل قليلًا، وهذا لا ينافي الصلاة.

ويؤيد ذلك ما رواه الدارقطني في "سننه" ج ٢ ص ٨٠ بسنده عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها-، قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا استفتح إنسان الباب فتح له ما كان في قبلته، أو عن يمينه، أو عن يساره، ولا يستدبر القبلة". وفي سنده محمَّد بن حميد الرازي متكلم فيه، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. والله -تَعَالَى- أعلم.

(ففتح الباب، ثم رجع إلى مصلاه) أي رجع وراءه على عقبيه إلى مكان صلاته. فيه دليل على إباحة المشي في صلاة التطوع لحاجة قلّ أو أكثر.

قال ابن الملك: مشيه - صلى الله عليه وسلم -، وفتحه الباب، ثم رجوعه إلى الصلاة يدلّ على أن الأفعال الكثيرة إذا توالت لا تبطل الصلاة، وإليه ذهب بعضهم. انتهى.

وقال ابن رسلان: هذا المشي محمول على أنه مشي خطوة، أو خطوتين، أو مشي أكثر من ذلك متفرّقًا.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن رسلان تقيد للحديث بالمذهب، ولا يخفى فساده، كما قال الشوكاني رحمه الله، فإن الحديث يدلّ على إباحة المشي في صلاة التطوع للحاجة، إذا كان في جهة القبلة. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عائشة - رَضيَ اللَهُ تَعَالَى عَنْهَا - هذا حسن من أجل الكلام في برد بن سنان. والله -تَعَالَى- أعلم.