واسم الأعرابي المذكور قيل: ذو الخويصرة، وقيل الأقرع بن حابس، وقيل: عيينة ابن حصن.
(وهو في الصلاة) جملة حالية من "أعرابي" (اللَّهم ارحمني) في محل نصب مقول القول.
قال السندي: ليس هذا من كلام الناس، نعم هو دعاء بما لا يليق، فكأنه لهذا ذكره ههنا. انتهى (ومحمدا) عطف على الضمير المنصوب، أي وارحم محمدا (ولا ترحم معنا أحدا) أي لا تشرك في رحمتك لي وله أحدا غيرنا.
وفي رواية لأحمد- ج-٢ ص ٥٠٣ - بإسناد صحيح عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: دخل الأعرابي المسجد، فقال: اللَّهُمَّ اغفر لي ولمحمد، ولا تغفر لأحد معنا، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "لقد احتظرتَ واسعا"، ثم وَلَّى حتى إذا كان في ناحية المسجد، فَشَجَ يبول، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنما بُني هذا البيتُ لذكر الله، والصلاة، وإنه لا يُبَالُ فيه"، ثم دعا بسَجْل من ماء، فأفرغه عليه، قال: يقول الأعرابي بعد أن فقه: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إليّ، بأبي هو وأمي، فلم يسُبَّ، ولم يُؤنّب، ولم يضرب.
وفي رواية لابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع قال: اللَّهُمَّ ارحمني ومحمدا، ولا تشرك في رحمتك معنا أحدا.
وقوله: "فشَجَ"، يقال: فَشَجَ يفشج من باب ضرب: إذا فرّج بين رجليه ليبول.
وقوله: "احتظرتَ": -بحاء مهملة وظاء معجمة-: أي اتخذت حَظيرة لرحمة الله الواسعة, والحَظيرة اسم لما يُحْظَر به على الغنم وغيرها من الشجر, ليمنعها، ويحفظها.
والمراد أنه جعل الرحمة الواسعة محجوزة فيه وفي محمد - صلى الله عليه وسلم -، مع أنها وسعت كل شيء.
(فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي) رواية المصنف هذه كرواية البخاري تقتضي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس، وقال ذلك الأعرابي ما قاله، وهو يصلي معه.
ولكن يخالف هذا ما يأتي للمصنف في الرواية التالية، وكذا ما في رواية أبي داود، ولفظه: أن أعرابيا دخل المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فصلى ركعتين، ثم قال: اللَّهُمَّ ارحمني ومحمدا .. الحديث.
فإنه ظاهر في كون الأعرابي صلى لنفسه، ودعاء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس.
ويمكن أن يجمع بينهما بحمل الواقعة على التعدد، والله -تَعَالَى- أعلم.
(لقد تحجرت واسعا) أي ضيّقت شيئا واسعا، وقال السندي: أي قصدت أن تضيق ما