للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسعه الله رحمته، أو اعتقدته ضيقا، لأن هذا الكلام نشأ من ذلك الاعتقاد. انتهى.

وأصل الحَجْر: المنع، ومنه الحَجْر على السفيه، وهو منعه من التصرف في ماله، وقبضُ يديه عنه. وذكره بصيغة التفَعُّل إشارة إلى أنه قد تكلف في تضييق ما وسعه الله -تَعَالى-، وعَمَّ كلَّ شيء، فقال -تَعَالى-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦]، فقصره عليه وعلى محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وفي رواية البخاري: "لقد حجّرت واسعا". قال في "الفتح": "حجّرت" -بمهملة، ثم جيم ثقيلة، ثم راء-: أي ضيقت وزنا ومعنى، ورحمة الله واسعة، كما قال -تَعَالَى-. واتفقت الروايات على أن "حجّرت" بالراء، لكن نقل ابن التين أنها في رواية أبي ذرّ بالزاي, قال: وهما بمعنى.

قال ابن بطال: أنكر - صلى الله عليه وسلم - على الأعرابي لكونه بخل برحمة الله على خلقه، وقد أثنى الله -تَعَالَى- على من فعل خلاف ذلك، حيث قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: ١٠]. انتهى (١).

وزاد في رواية أبي داود من طريق ابن عيينة عن الزهري بعد قوله: "لقد تحجّرت واسعًا": ما لفظه: ثم لم يلبث أن بال في المسجد، فأسرع الناس إليه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين، صُبُّوا عليه سَجْلًا من ماء"، أو قال: "ذَنُوبا من ماء".

وتقدم للمصنف ٤٥/ ٥٦ - من طريق الأوزاعي، عن محمد بن الوليد بقصة البول فقط.

وتقدم له من حديث أنس - رضي الله عنه - ٤٥/ ٥٣ و ٤٥/ ٥٤ و ٤٥/ ٥٥ بقصة البول أيضا. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عنه هذا أخرجه البخاري.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا -٢٠/ ١٢١٦ - وفي "الكبرى" -٥٥/ ١١٣٩ - عن كثير بن عُبَيد، عن محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عنه. وفي ٢٠/ ١٢١٧ - و"الكبرى" -٥٥/ ١١٤٠ - عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، عن ابن


(١) "فتح" ج ١٢ ص ٥١.