للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحت اللفظ، وما لا يسمى كلامًا، فمن أراد إلحاقه به كان ذلك بطريق القياس، فلْيُرَاعَ شرطُهُ في مساواة الفرع للأصل، أو زيادته عليه، واعتبر أصحاب الشافعي ظهور حرفين، وإن لم يكونا مُفهمين، فإن أقلّ الكلام حرفان.

ولقائل أن يقول: ليس يلزم من كون الحرفين يتألف منهما الكلام أن يكون كل حرفين كلامًا، وإذا لم يكن كلامًا فالإبطال به لا يكون بالنصّ، بل بالقياس على ما ذكرنا، فليراع شرطه، اللَّهُمَّ إلا أن يريد بالكلام كل مركب، مفهمًا كان، أو غير مفهم، فحينئذ يندرج المتنازع فيه تحت اللفظ، إلا أن فيه بحثًا (١).

والأقرب أن ينظر إلى مواقع الإجماع والخلاف حيث لا يسمى الملفوظ به كلامًا، فما أجمع على إلحاقه بالكلام ألحقناه به، وما لم يجمع عليه مع كونه لا يسمى كلامًا فيقوى فيه عدم الإبطال.

ومن هذا استُبْعد القولُ بإلحاق النفخ بالكلام، ومن ضعيف التعليل فيه قولُ من علّل البطلان به بأنه يشبه الكلام، وهذا ركيك، مع ثبوت السنة الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفخ في صلاة الكسوف في سجوده. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله -تَعَالَى- عنه: الراجح أن المراد بالكلام هو التخاطب الذي يجري بين الناس، إذ قول الراوي: "يخاطب بعضنا بعضًا"، وكذا الحديث الآتي: "لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" ظاهران في كون المراد مخاطبة بعضهم لبعض، فلا يدخل فيه التنحنح، والأنين، والتأوه والنفخ، لأنها ليست من هذا الجنس. فتبصر. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٢٢٠ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ -وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ- وَالْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهَذَا حَدِيثُ الْقَاسِمِ، قَالَ: كُنْتُ آتِي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ يُصَلِّي، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَشَارَ إِلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-يَعْنِي أَحْدَثَ- فِي الصَّلَاةِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ، وَأَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (محمد بن عبد الله بن عَمَّار) بن سوادة الأزدي الغامدي، أبو جعفر البغدادي


(١) قال الصنعاني رحمه الله: كأنه يريد اْن غير المفهم لا يُسلَّمُ دخوله تحت قوله: "ونهينا عن الكلام"، إذ المتبادر منه الظاهر هو الكلام المعروف. اهـ عدة ج ٢ ص ٤٨٠.
(٢) "إحكام الأحكام" ج ٢ ص ٤٧٧ - ٤٨١. بنسخة الحاشية "العدة".