وقالت طائفة: إن ذكر ساعةً يقوم جلس، كذلك قال حمّاد بن أبي سليمان، وقال النخعي: يقعد ما لم يستفتح بالقراءة.
وقالت طائفة: إن المصلي إذا فارقت أَلْيَتُهُ الأرضَ، ونأ للقيام مضى كما هو، ولا يرجع حتى يجلس في الرابع، ثمّ يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كذلك قال مالك ابن أنس، وقال حسّان بن عطيّة: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى.
وقالت طائفة: يقعد، وإن قرأ ما لم يركع، قال الحسن البصري: يقعد، وإن قرأ ثمانين آية، ما لم يركع. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي هو ما عليه الجمهور، وهو أن من قام من الركعتين الأوليين، وعليه جلوس لا يرجع إلى الجلوس، بل يمضي في صلاته، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام، ثم يسلم، لصحة حديث عبد الله ابن بحينة - رضي الله عنه - المذكور في الباب في ذلك. والله تعالى أعلم.
قال ابن المنذر رحمه الله: وقد اختُلف فيمن ذَكَرَ، وقد نهض للقيام قبل أن يستوي قائمًا، فجلس:
فرأت طائفة أن، يسجد سجود السهو، رُوي ذلك عن النعمان بن بشير، وأنس بن مالك، وبه قال الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وأسقطت طائفة عنه سجود السهو، كان علقمة، والنخعي، والأوزاعي لا يرون عليه سجود السهو. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الراجح المذهب الأول، وهو أنه يسجد للسهو، لحديث معاوية - رضي الله عنه - مرفوعًا:"من نسي من صلاته شيئًا، فليسجد مثل هاتين السجدتين" رواه أحمد في "مسنده" جـ ٤ ص ١٠٠ بإسناد حسن.
فقوله:"شيئًا" نكرة في سياق الشرط، فيعمّ قليل السهو وكثيره. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.