للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و-بفتح، ثم ضم- على البناء للفاعل، أي صارت قصيرة. قال النووي -رحمه الله-: هذا أكثر وأرجح. انتهى (١).

وقال الحافظ العلائي: وقوله: "أقصرت الصلاة" فيه روايتان، إحداهما بضم القاف، وكسر الصاد على البناء لما لم يسم فاعله. والثانية: بفتح القاف، وضم الصاد، والفعل لازم ومتعدّ، فاللازم مضموم الصاد التي هي عين الكلمة، لأنه من الأمور الخَلْقيّة، كحَسُنَ وقَبُحَ، والمتعدي بفتح الصاد، ومنه قَصَرَ الصلاةَ وقَصَّرَها، وأقصرها على السواء. حكاه الأزهري.

ولا يقال: إن "قَصَرَ" إذا كان مخففًا لا يتعدّى إلا بحرف الجرّ، كقوله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] لأنا نقول تعديه بنفسه ثابت ومنقول، حكاه أيضا الجوهري وغيره.

وأما "من" في الآية فزائدة عند الأخفش، وصفة لمحذوف عند سيبويه، تقديره "شيئًا من الصلاة". انتهى بتصرف.

(وفي القوم أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما -) أي وكان مع القوم الذين صلَّوّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - (فهاباه أن يكلماه) وفي بعض النسخ "فهابا" بإسقاط الضمير المنصوب.

و"الهيبة": إجلالٌ ومخافةٌ ناشئة عن إعظام.

والمعنى أنهما غلب عليهما احترامه، وتعظيمه عن الاعتراض عليه، وأما ذو اليدين، فغلب عليه حرصه على تعلم العلم.

وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: وأما هيبة أبي بكر وعمر أن يكلماه مع قربهما منه، واختصاصهما به فلشدّة معرفتهما بعظمته وحقوقه، وقوةُ المعرفة توجب الهيبة، كما أن أشد الناس معرفة بالله أشدهم له خشيةً وهيبةً وإجلالًا، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك. انتهى.

وقال الحافظ العلائي -رحمه الله-: معنى الحديث: أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - لما غَلَبَ عليهما من احترام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتعظيمه، وإكبار مقامه الشريف امتنعا من تكليمه.

هذا مع ما روَى الترمذي في "جامعه" بسند جيّد عن أنس - رضي الله عنه -، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج على أصحابه، فلا ينظر إليه أحد سوى أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، فإنهما كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويبتسمان إليه، ويبتسم إليهما.


(١) "فتح" جـ ٣ ص ٤٣١.