قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر صنيع المصنف رحمه الله تعالى أنه يرى تقسيم الشك إلى قسمين:
أحدهما: ما لا يكون معه ترجيح لأحد الطرفين، فيأخذ صاحبه بالمتيقن، وهو الأقل، وهو محمل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه المذكور في الباب.
والثاني: ما يكون معه ترجيح أحد الطرفين، وميل القلب إليه، فيأخذ صاحبه بما ترجّح لديه، وغلب على ظنه، وهو محمل حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه الآتي في الباب التالي.
وهذا المذهب هو الراجح من مذاهب أهل العلم، لأن فيه العمل بالحدثين بلا تكلف، وسيأتي تحقيق القول في ذلك في المسألة السادسة، إن شاء الله تعالى.
١٢٣٨ - (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيُلْغِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ بِالتَّمَامِ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ قَاعِدٌ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (يحيى بن حبيب بن عربي) البصري، ثقة [١٠] تقدم ٦٠/ ٧٥.
٢ - (خالد) بن الحارث الْهُجَيْميّ، أبو عثمان البصري، ثقة ثبت [٨] تقدم ٤٢/ ٤٧.
٣ - (ابن عَجْلان) هو محمدٌ المدني، صدوق [٥] تقدم ٣٦/ ٤٠.
٤ - (زيد بن أسلم) العدوي مولاهم المدني، ثقة فقيه يرسل [٣] تقدم ٦٤/ ٨٠.
٥ - (عطاء بن يسار) المدني مولى ميمونة - رضي الله عنها -، ثقة فاضل فقيه، من صغار [٣] تقدم ٢٠/ ٢١.
٦ - (أبو سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان الصحابي ابن الصحابي رضي الله تعالى عنهما، تقدم ١٦٩/ ٢٦٢. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن أبي سعيد) الخدري رضي الله تعالى عنه (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قال: إذا شك أحدكم في صلاته) أي في كونه صلّى ثلاثًا، أم أربعًا مثلًا، وفي الرواية التالية. "إذا لم يدر أحدكم أصلّى ثلاثًا، أم أربعًا" (فليُلغ الشّكّ) من الإلغاء -بالغين المعجمة-، وفي نسخة "فليُلق الشك" من الإلقاء -بالقاف-، ولمسلم: "فليطرح الشكّ"، وكلها بمعنى واحدٍ.