الركعة وحدها نافلة، بل مع السجدتين، خلاف ما يفيده قول الخطابي رحمه الله تعالى.
وبالجملة ففساد قولهم كما قال الخطابي ظاهر، لأنه رَأْيٌ محض في مقابلة النص، فيكون فاسد الاعتبار، ولقد أحسن من قال, وأجاد في المقال: [من الوافر]
إَذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ يَوْمًا … تجُارِي فِي مَيَادِينِ الْكِفَاحِ
غَدَتْ شُبَهُ القِيَاسِيِّينَ صَرْعَى … تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ
(وإن كان صلّى أربعا كانتا) أي السجدتان (ترغيمًا للشيطان) أي إغاظةً وإذلالًا له، مأخوذ من الرُّغام، وهو التراب، ومنه أرغم الله أنفه.
والمعنى أن الشيطان لبس عليه صلاته، وتعرّض لإفسادها ونقصها، فجعل الله تعالى للمصلي طريقًا إلى جبر صلاته، وتدارك ما لبسه عليه، وإرغام الشيطان، وردّه خاسئًا مُبعَدًا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم لمّا امتثل أمر الله تعالى الذي عَصَى به إبليسُ، من امتناعه من السجود. والله تعالى أعلم (١).
ولأبي داود: "وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان"، أي مُغيظتين، ومُذلّتين له.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -٢٤/ ١٢٣٩ - وفي "الكبرى" -٥٩/ ١١٦١ - عن يحيى بن حبيب بن عربيّ، عن خالد الْهُجَيمي، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عنه. وفي -٢٤/ ١٢٣٩ - و"الكبرى" -٥٩/ ١١٦٢ - عن محمد بن رافع، عن حُجَين ابن المثنّى، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن زيد بن أسلم به. وفي "الكبرى" أيضًا -١١٧/ ٥٨٥ - عن إسماعيل بن مسعود، عن يحيى بن محمد بن قيس، أبي زُكير، عن زيد بن أسلم به، ولفظه:
"إذا شكّ أحدكم، فلم يدر أصلّى ثلاثًا، أم أربعًا، فليصلّ ركعةً تامّةً، ثم يسجد سجدتين، وهو جالس، فإن كانت الركعة خامسةً شفع بهاتين السجدتين، وإن كانت رابعة كانتا ترغيمًا للشيطان". والله تعالى أعلم.
(١) "شرح مسلم" للنوويّ جـ ٥ ص ٦٠ - ٦١.