للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنهم من قال: يُعيد صلاته، وقد تقدم تفصيل ذلك.

وليس في حديث الباب أكثر من أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة، وليس فيه بيان ما يصنعه مَنْ وقع له ذلك، والأحاديثُ الأخرى قد اشتملت على زيادة، وهي بيان ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود، فالمصير إليها واجب، أفاده الشوكانيّ -رحمه الله- تعالى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل أنّ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا مُجْمَل، يجب حمله على الأحاديث المتقدّمة المفصّلة، فيكون المعنى: فليسجد سجدتين بعد البناء على غالب الظنّ، إن كان له غلبة ظنّ وميلُ قلب إلى أحد الطرفين، أو البناء على اليقين، إن لم يكن له ذلك، كما هو المذهب الراجح فيما سبق بيانه.

فعلى هذا لا وجه لإيراد المصنف له استدلالًا على البناء على غالب الظنّ، إذ هو محمول على التفصيل المذكور. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال في "الفتح": لم يقع في هذه الرواية تعيين محل السجود، ولا في الرواية التالية، وقد رَوَى الدارقطني من طريق عكرمة بن عمّار، عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد مرفوعًا: "إذا سها أحدكم، فلم يدر أزاد، أم نقص، فليسجد سجدتين، وهو جالس، ثمّ يسلّم". وإسناده قويّ، ولأبي داود من طريق ابن أخي الزهري، عن عمه نحوه بلفظ: "وهو جالس قبل التسليم"، وله من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري بإسناده، وقال فيه: "فليسجد سجدتين قبل أن يسلّم، ثم يسلّم".

قال الحافظ العلائي -رحمه الله-: هذه الزيادة في هذا الحديث بمجموع الطرق لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضعه عند المصنف، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٢٥/ ١٢٥٢ - وفي "الكبرى" -٦٠/ ١١٧٥ - بالسند المذكور.

وأخرجه (خ) ٢/ ٨٧ و ٤/ ١٥١ (م) ٢/ ٨٢ و ٢/ ٨٣ (د) رقم ١٠٣٠ و ١٠٣١


(١) "نيل الأوطار" جـ ٣ ص ١٤١ - ١٤٢.
(٢) انظر "نظم الفرائد" ص ٣٠٧ و"الفتح" جـ ٣ ص ٤٣٦.