للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى عنه ابنه النعمان، وابن ابنه محمد، وعروة، وحُميد بن عبد الرحمن بن عوف. ذكره ابن أبي حاتم فيمن مات سنة (١٣) فتكون رواية هؤلاء عنه سوى النعمان مرسلة. وقد رَوَى حديث حميد بن عبد الرحمن، عن النعمان، عن أبيه، فتعين إرساله، إن كان رواه عن بشير بلا واسطة، وذكر ابنُ إسحاق، والواقديُّ أنه قُتل يوم عين التمر مع خالد بن الوليد مُنصَرَفه من اليمامة سنة (١٢)، لكن روى البخاريّ في "تاريخه" من طريق الزهريّ عن محمد بن النعمان بن بشير, عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب قال يوماً، وحَوله المهاجرون والأنصار: أرأيتم لو ترخّصتُ في بعض الأمر ماذا كنتم فاعلين؟، قال: فقال له بشير بن سعد: لو فعلتَ قَوَّمناك تقويمَ القادح، فقال عمر: أنتم إذاً أنتم، فهذا يدلّ على أنه بقي إلى خلافة عمر، وفي كتاب "الطبقات" لابن سعد أنه كان يكتب بالعربية في الجاهلية، وبعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض السرايا، واستعمله على المدينة في عمرة القضاء، وله ذكر في "صحيح مسلم" وغيره في حديث عُقبة بن عمرو المذكور في هذا الباب. انفرد به النسائي بحديث النُّحْلة المذكور فقط.

(أمرنا الله عز وَجَلَّ أن نصلي عليك يا رسول الله) وفي بعض النسخ: "بأن نصلي عليك" بزيادة الباء، وحذفُها جائز في مثل هذا، كما قال ابن مالك رحمه الله تعالى:

وَعَدِّ لَازِماً بِحَرْفِ جَرِّ … وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ

نَقْلاً وَفِي أَن وَأَنْ يَطرِدُ … مَعْ أَمْنِ لَبْسِ كَعَجِبْتُ أَنْ يَدُوا

يعني أن الله سبحانه أمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه والسلام، حيث قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦].

(فكيف نصلي عليك؟) اختُلِفَ في المراد بقوله: "كيف"، فقيل: المراد السؤال عن معنى الصلاة المأمور بها بأيّ لفظ يُؤَدَّى. وقيل: عن صفتها. قال القاضي عياض رحمه الله: لمّا كان لفظ الصلاة المأمور بها في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ} يحتمل الرحمة والدّعاء والتعظيم سألوا بأيّ لفظ تُؤدّى؟. هكذا قال بعض المشايخ.

ورجّح الباجيّ أن السؤال إنما وقع عن صفتها، لا عن جنسها. قال في "الفتح": وهو الأظهر، لأن لفظ "كيف" ظاهر في الصفة، وأما الجنس، فيُسأل عنه بلفظ "ما"، وبه جزم القرطبي، فقال: هذا سؤال من أشكلت عليه كيفيّة ما فُهم أصلُهُ، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة، فسألوا عن الصفة التي تليق بها، ليستعملوها انتهى.

والحامل لهم على ذلك أن السلام لمّا تقدّم بلفظ مخصوص، وهو "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" فهموا منه أن الصلاة أيضاً تقع بلفظ مخصوص، وعدَلُوا