للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسلمون منهم، بل المتّقون، فيدخل فيهم الأنبياء والصدّيقون والشهداء والصالحون، دون من عداهم، وفيه ما يأتي في آل محمد. قاله في "الفتح".

(وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم) أي أثبت له، وأدم ما أعطيته من الشرف والكرامة، وزده من الكمالات ما يليق بك وبه.

قال في "الفتح": المراد بالبركة هنا الزيادة من الخير والكرامة، وقيل: التطهير من العيوب والتزكية، وقيل: المراد إثبات ذلك، واستمراره، من قولهم: بركت الإبل: أي ثبتت على الأرض، وبه سمّيت بِرْكَة الماء -بكسر أوله، وسكون ثانيه- لإقامة الماء فيها.

والحاصل أن المطلوب أن يُعْطَوْا من الخير أَوْفَاه، وأن يثبت ذلك، ويستمرّ دائماً. وسيأتي مزيد بسط في تحقيق معنى البركة في المسألة السادسة، إن شاء الله تعالى.

(في العالمين) متعلّق بـ"صلّ"، أو بـ"بارك" على سبيل التنازع.

قال الحافظ السخاوي رحمه الله: وأشار بقوله: "في العالمين" إلى اشتهار الصلاة والبركة على إبراهيم في العالمين، وانتشار شرفه، وتعظيمه، وأن المطلوب لنبيّنا -صلى الله عليه وسلم- صلاة تشبه تلك الصلاة، وبركة تشبه تلك البركة في انتشارها في الخلق، وشهرتها، وقد قال الله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: ١٠٨ - ١٠٩].

والمراد بـ"العالمين" فيما رواه ابن مسعود (١) -رضي الله عنه-، وغيره: أصناف الخلق، وفيه أقوال أُخْرى: قيل: ما حواه بطن الْفَلَك، وقيل: ما فيه روح، وقيل: كلّ مُحْدَث، وقيل: بقيد العقلاء، وهذان القولان في "المشارق"، وقيل: الإنس والجنّ فقط، حكاه المنذريّ، وحَكَى قولاً آخر: إنه الجنّ والإنس، والملائكة، والشياطين، قال في "الصَّحَاح": العالم: الخلق، والجمع العوالم، والعالمون أصناف الخلق، وقال في "المُحْكَم": العالمِ الخلق كلّه، وقيل: هو ما احتواه بطن الْفَلَك، ولا واحد له من لفظه، لأنّ عالماً جَمعَ أشياءَ مُختلفةً، فإن جُعل اسماً لواحد منها صار جمعاً لأشياء متفقة، والجمع عالمون، ولا يجمع شيء على فاعل بالواو والنون إلا هذا انتهى (٢).

(إنك حميد مجيد) أما "الحميد" فهو فعيل من الحمد بمعنى محمود، وأبلغ منه، وهو مَن حصل له من صفات الحمد أكملها، وقيل: هو بمعنى الحامد، أي يَحمَد أفعالَ عباده.

وأما "المجيد" فهو فعيل من المجد، وهو صفةُ مَن كمل في الشرف، وهو مستلزم


(١) هكذا في "القول البديع" "ابن مسعود"، والذي في "الفتح" "أبو مسعود"، فليحرّر.
(٢) راجع "القول البديع" للسخاويّ ص ١٠٣.