للعظمة والجلال، كما أن الحمد يدلّ على صفة الإكرام.
ومناسبة ختم الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وثناؤه عليه، والتنويه به، وزيادة تقريبه، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد، ففي ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل المطلوب، أو هو كالتذييل له، والمعنى: إنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة، كريمٌ بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك. قاله في "الفتح" (١).
وسيأتي مزيد بسط في تحقيق معنى هذين الاسمين، ومناسبتهما لختم الصلاة بهما في المسألة السابعة, إن شاء الله تعالى.
(والسلام كما علمتم) جملة من مبتدإ وخبره.
قال النووي رحمه الله تعالى: معناه قد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليّ، فأما الصلاة فهذه صفتها، وأما السلام فكما علمتم في التشهد، وهو قولهم: "السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته".
و"علمتم" بفتح العين المهملة، وكسر اللام المخفّفة- مبنيّاً للفاعل: أي كما علمتموه في التشهد.
ومنهم من رواه -بضم العين، وتشديد اللام- مبنياً للمفعول: أي عَلَّمتكموه. قال النووي رحمه الله: وكلاهما صحيح.
وقال السندي رحمه الله تعالى: "علمتم" على بناء الفاعل، من العلم، أي كما علمتم في التشهد، أو بما جرى على الألسنة في كيفية سلام بعضهم على بعض، أو على بناء المفعول، من التعليم، أي كما علمّتم في التشهد انتهى "شرح السندي" ٣/ ٤٦.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "أو بما جرى على الألسنة" الخ، فيه نظر، فإنه احتمال بعيد، لا ينبغي التعويل عليه، فالصواب المعنى الأوّل، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤٩/ ١٢٨٥ - وفي "الكبرى" -٨٤/ ١٢٠٨ - وفي "عمل اليوم والليلة"
(١) راجع "الفتح" جـ ١٢ ص ٤٥٣.