وعند البيهقي في "الشُّعَب" من حديث جابر نحو حديث الباب، وفي آخره "وعلينا معهم".
وأما الإيراد الأول، فإنه يختصّ بمن يرى أن معنى الآل كلّ الأمّة، ومع ذلك فلا يمتنع أن يعطف الخاصّ على العام، ولاسيما فى الدعاء.
وأما الإيراد الثانى، فلا نعلم من منع تبعاً، وإنما الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء استقلالاً, وقد شُرع الدعاء للآحاد بما دعا به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث "اللَّهم إنى أسألك من خير ما سألك منه محمد", وهو حديث صحيح, أخرجه مسلم انتهى ملخّصاً.
وحديث جابر ضعيف، ورواية يزيد أخرجها أيضاً أحمد بن فضيل عنه، وزاد في آخره: "فلا أدري أشيء زاده عبد الرحمن من قبل نفسه، أو رواه عن كعب"، وكذا أخرجه الطبريّ من رواية محمد بن فضيل، ووردت هذه الزيادة من وجهين آخرين مرفوعين:
أحدهما: عند الطبراني من طريق فطر بن خليفة، عن الحكم بلفظ: يقولون: "اللَّهم صلّ على محمد" … إلى قوله: "وآل إبراهيم، وصلّ علينا معهم, وبارك على محمد … مثله، وفي آخره: "وبارك علينا معهم"، ورواته موثّقون.
قال الحافظ رحمه الله: لكنه فيما أحسب مدرج، لما بيّنه زائدة عن الأعمش.
ثانيهما: عند الدارقطني من وجه آخر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- مثله، لكن قال: "اللَّهم" بدل الواو في "وصلّ"، وفي "وبارك"، وفيه عبد الوهّاب بن مجاهد، وهو ضعيف انتهى ما في "الفتح" (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فظهر بهذا أن ثبوت هذه الزيادة مرفوعةً محلّ نظر، وإنما الظاهر أنها موقوفة.
فإن قيل: كيف جاز لهم أن يزيدوها، دون أن يعلّمهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
أجيب: بأنهم زادوه عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسم في تعليمه التشهدَ: "ثم ليتخيّر بعد من الدعاء ما شاء"، فإنه عام يشمل هذا وغيره، والله تعالى أعلم.
وقوله: "قال أبو عبد الرحمن: حدثنا به من كتابه، وهذا خطأ" "أبو عبد الرحمن" هو النسائي صاحب الكتاب.
يعني أن شيخه القاسم بن زكريا حدثهم بهذا الحديث من كتابه، لا من حفظه، فقال: "عن سليمان، عن عمرو بن مُرّة … "، وهو خطأ، والصواب "عن سليمان، عن
(١) "فتح" جـ ١٢ ص ٤٤٧.