للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نبيّ، ووجدت بخط بعض شيوخي مذهب مالك: لا يجوز أن يُصلَّى إلا على محمد، وهذا غير معروف عن مالك، وإنما قال: أكره الصلاة على غير الأنبياء، وما ينبغي لنا أن نتعدّى ما أُمرنا به.

وخالفه يحيى بن يحيى, فقال (١): وأحتجّ بأن الصلاة دعاء بالرحمة, فلا يُمنع إلا بنصّ، أو إجماع.

قال عياض: والذي أميل إليه قول مالك، وسفيان، وهو قول المحققين من المتكلمين، والفقهاء قالوا: يُذكَرُ غير الأنبياء بالرضا والغفران، والصلاةُ على غير الأنبياء -يعني استقلالاً- لم يكن من الأمر المعروف، وإنما أُحدثت في دوله بني هاشم.

وأما الملائكة، فلا أعرف فيه حديثًا نصّا, وإنما يؤخذ ذلك من الذي قبله إن ثبت، لأن الله تعالى سمّاهم رُسُلاً.

وأما المؤمنون، فاختُلف فيهم، فقيل: لا تجوز إلا على النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصّةً، وحكي عن مالك كما تقدّم.

وقالت طائفة: لا تجوز مطلقاً، استقلالاً، وتجوز تَبَعاً فيما ورد به النصّ، أو ألحق به، لقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} الآية [النور: ٦٣]، ولأنه لما علّمهم السلام، قال: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، ولما علّمهم الصلاة مصر ذلك عليه، وعلى أهل بيته.

وهذا القول اختاره القرطبى في "المفهم"، وأبو المعالي من الحنابلة، وهو اختيار اين تيمية من المتأخرين.

وقالت طائفة: تجوز تبعاً مطلقاً، ولا تجوز استقلالاً. وهذا قول أبي حنيفة وجماعة.

وقالت طائفة: تكره استقلالاً، لا تبعاً، وهي رواية عن أحمد. وقال النووي: هو خلاف الأولى.

وقالت طائفة: تجوز مطلقاً، وهو مقتضى صنيع البخاريّ رحمه الله، فإنه صدّر بالآية، وهي قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}، ثم عقبه بالحديث الدالّ على الجواز مطلقاً،، وعقّبه بالحديث الدّالّ على الجواز تبعاً.

فأما الأول، فسيأتي شرحه في "كتاب الزكاة" -١٣/ ٢٤٥٩ - إن شاء الله تعالى. ووقع مثله عن قيس بن سعد بن عُبَادة -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفع يديه، وهو يقول: "اللَّهم اجعل


(١) هكذا عبارة "الفتح"، ولعله سقط منه "يجوز"، أو نحوه، فليحرر.