للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلواتك، ورحمتك، على آل سعد بن عبادة". أخرجه أبو داود، والنسائي بسند جيد.

وفي حديث جابر -رضي الله عنه-: "أن امرأته، قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: صلِّ عليّ وعلى زوجي, ففعل". أخرجه أحمد مطوّلاً ومختصراً، وصححه ابن حبّان.

وهذا القول جاء عن الحسن، ومجاهد، ونصّ عليه أحمد في رواية أبي داود، وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وداود، والطبريّ.

واحتجّوا بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣]، وفي "صحيح مسلم" من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى الله عليك، وعلى جسدك".

وأجاب المانعون عن ذلك كله بأن ذلك صدر من الله تعالى, ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولهما أن يخصّا من شاءا بما شاءا، وليس ذلك لأحد غيرهما.

وقال البيهقي رحمه الله: يحتمل قول ابن عباس -رضي الله عنهما- بالمنع إذا كان على وجه التعظيم، لا ما كان إذا كان على وجه الدعاء بالرحمة والبركة انتهى ما في "الفتح" ببعض تصرّف (١).

ولقد حقق الموضوع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، وناقش الأدلّة، وأجاد وأفاد، ثم قال في آخر البحث: ما نصه:

وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي -صلى الله عليه وسلم- إما أن يكون آله وأزواجه وذريته، أو غيرهم، فإن كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة، مع الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجائزة مفردة.

وأما الثاني: فإن الملائكة, وأهل الطاعة عموماً الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضاً، فيقال: اللَّهم صلّ على ملائكتك المقرّبين، وأهل طاعتك أجمعين، وإن كان شخصاً معيناً، أو طائفة معيّنةً كُره أن يتخذ الصلاة عليه شعاراً، لا يُخلّ به، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه، ولاسيّما إذا جعلها شعاراً له، ومنع منها نظيرَه، أو من هو خير منه، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي -رضي الله عنه-، فإنهم حيث ذكروه قالوا: عليه الصلاة والسلام، ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه، فهذا ممنوع، لاسيما إذا اتُخذ شعاراً، لا يُخَلّ به، فتركه حينئذ متعيّن، وأما إن صلى عليه أحياناً بحيث لا يجعل ذلك شعاراً كما يصلي على دافع الزكاة، وكما قال ابن عمر للميت: صلى الله عليه، (٢) وكما صلى


(١) "فتح" جـ ١٢ ص ٤٦١ - ٤٦٢.
(٢) أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة" بسند صحيح، ولفظه: "عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يكبر على الجنازة، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يقول: اللهم بارك فيه، وصل عليه، واغفر له، وأورده حوض نبيك".