للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذا ما أُوثره (١) من "الشفا" مما يتعلق بهيئة الصلاة عليه عن الصحابة، ومن بعدهم، وذكر فيه غير ذلك.

نعم ورد في حديث ابن مسعود أنه كان يقول في صلاته على النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك، وبركاتك على سيد المرسلين … " الحديث. أخرجه ابن ماجه، ولكن إسناده ضعيف.

وحديث علي المشار إليه أوّلاً أخرجه الطبراني بإسناد لا بأس به، وفيه ألفاظ غريبة رويتها مشروحة في كتاب "فضل النبي -صلى الله عليه وسلم-" لأبي الحسن بن الفارس.

وقد ذكر الشافعية أن رجلاً لو حلف لَيُصلّينّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل الصلاة، فطريق الْبَرّ أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهم صلّ على محمد كلما ذكره الذاكرون، وسها عن ذكره الغافلون".

وقال النووي: والصواب الذي ينبغي الجزم به أن يقال: "اللَّهم صل على محمد، وعلى آل محيد، كما صلّيت على آل إبراهيم … " الحديث

وقد تعقّبه جماعة من المتأخرين بأنه ليس في الكيفيتين المذكورتين ما يدلّ على ثبوت الأفضلية فيهما من حيث النقل، وأما من حيث المعنى فالأفضلية ظاهرة في الأول.

والمسألة مشهورة في كتب الفقه، والغرض منها أن كلّ من ذكر هذه المسألة من الفقهاء قاطبة لم يقع في كلام أحد منهم "سيدنا"، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كُلِّهم حتى أغفلوها، والخير كله في الاتباع، والله أعلم. انتهى فتوى الحافظ رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين بما قاله الحافظ رحمه الله أن هذه الزيادة من البدع المستحدثة في المتأخرين، فاستحسان بعض أهل العلم من المتأخرين لها مردود، لأنه لا حجة له في ذلك، ولم يؤثر عن أحد من السلف، وإنما هو مجرد استحسان بهوى، فيبطله قوله -صلى الله عليه وسلم- الحديث المتفق عليه: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ"، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رَدّ".

ونحن نعلم، ونعتقد، وكذا كل مسلم، فضلاً عن أهل العلم أنه -صلى الله عليه وسلم- سيدنا، وسيد ولد آدم أجمعين، وسيد البرية كلهم، لكن تعليمه لنا بدون ذكر لفظ السيادة يدلّ على أنه


(١) هكذا نسخة ما نقله الشيخ الألباني من مخطوطة الفتوى في كتابه "صفة الصلاة" بلفظ "أوثره" من الإيثار، ولعل الصواب "أَثَرْتُهُ" أي نقلته. والله أعلم.
(٢) ذكر هذه الفتوى الشيخ الألباني رحمه الله في "صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وذكر أنه نقلها من خط الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي (٧٩٠ - ٨٣٥)، وهو من محفوظات المكتبة الظاهرية.