على سيد ولد آدم؟ أو يقتصر على قوله: اللَّهم صل على محمد؟، وأيهما أفضل، الإتيان بلفظ السيادة، لكونها صفة ثابتة له -صلى الله عليه وسلم-، أو عدم الإتيان به لعدم ورود ذلك في الآثار؟
فأجاب -رضي الله عنه-:
نعم اتباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعاً منه -صلى الله عليه وسلم-، كما لم يكن يقول عند ذكره -صلى الله عليه وسلم-: "-صلى الله عليه وسلم-" وأمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذُكر، لأنا نقول: لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة، ثم عن التابعين، ولم نقف في شىء من الآثار عن أحد من الصحابة, ولا التابعين لهم قال ذلك، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك.
وهذا الإمام الشافعي أعلى الله درجته، وهو من أكثر الناس تعظيماً للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه:"اللَّهم صل على محمد" إلى آخر ما أداه إليه اجتهاده، وهو قوله:"كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عن ذكره الغافلون"، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه "سبحان الله عدد خلقه" فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لأم المؤمنين، ورآها قد أكثرت التسبيح وأطالته, "لقد قلت بعدك كلمات، لو وُزنت بما قلت لوزنتهنّ", فذكر ذلك, وكان -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الجوامع من الدعاء.
وقد عقد القاضي عياض باباً في صفة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب "الشفا" ونقل فيه آثاراً مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ "سيدنا".
منها حديث علي -رضي الله عنه- أنه كان يعلمهم كيفية الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول:"اللَّهم داحي المدحوّات، وبارىء المسموكات، اجعل سوابق صلواتك, ونوامي بركاتك، وزوائد تحيتك على محمد عبدك ورسولك، الفاتح لما أغلق".
وعن علي -رضي الله عنه- أيضاً أنه كان يقول:"صلوات الله البرّ الرّحيم، والملائكة المقرّبين، والنبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين، وما سبح لك من شيء يا رب العالمين على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وإمام المتقين … " الحديث.
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يقول:"اللَّهمّ اجعل صلواتك، وبركاتك، ورحمتك على محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، ورسول رب العالمين … " الحديث.
وعن الحسن البصريّ أنه كان يقول: من أراد أن يشرب بالكأس الأروى من حوض المصطفى، فليقل:"اللَّهم صل على محمد، وعلى آله وأصحابه، وأزواجه، وأولاده، وذرّيّته، وأهل بيته، وأصهاره، وأنصاره، وأشياعه، ومحبيه".