للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصيدلانيُّ من الشافعية على المنع، وقال أبو القاسم الأنصاريّ شارح "الإرشاد": يجوز ذلك مضافاً، ولا يجوز مفرداً، ونقل عياض عن الجمهور الجواز مطلقاً، وقال القرطبي في "المفهم": إنه الصحيح، لورود الأحاديث به، وخالفه غيره، ففي "الذخيرة" من كتب الحنفية عن محمد يكره ذلك، لإيهامه النقص، لأن الرحمة غالباً إنما تكون عن فعل ما يلام عليه، وجزم ابن عبد البرّ، فقال: لا يجوز لأحد إذا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: "رحمه الله"، لأنه قال: "من صلى عليّ"، ولم يقل: "من ترحم علي"، ولا "من دعالي"، وإن كان معنى الصلاة الرحمة (١)، ولكنه خُصّ هذا اللفظ تعظيماً له، فلا يُعدَل عنه إلى غيره. ويؤيده قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] انتهى.

قال الحافظ: وهو بحث حسنٌ، لكن في التعليل الأول نظر، والمعتمد الثاني. والله أعلم انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجح عندي أنه لا يزاد في الصلاة الإبراهيمية "وترحم" لعدم ثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والحاصل أنه لا يزاد إلا ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق صحيح، لأن الزيادة على تعليمه -صلى الله عليه وسلم- يكون استدراكاً على الوحي.

وأما الترحم في غير ذلك كأن يقال عند سماع اسمه: "رحمه الله" كما يقال ذلك عند ذكر اسم العلماء، فالأولى أن لا يفعل لعدم ثبوت دليل يُعتَمَد عليه، فتنبه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة التاسعة: في زيادة لفظ "سيدنا" في الصلاة الإبراهيمية:

(اعلم): أن هذه المسألة مما شاع وذاع النزاع فيه بين المتأخرين، وليس فيها أثر صحيح من المتقدمين، وقد سئل عنها الحافظ ابن حجر رحمه الله، فأجاب فيها بجواب قاطع للنزاع، لمن كان قصده الاتباع، لا لمن شأنه الابتداع، ودونك نص الفتوى:

قال الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي (٧٩٠ - ٨٣٥) وكان ملازماً للحافظ رحمه الله:

سئل -أي الحافظ ابن حجر- أمتع الله بحياته عن صفة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، أو خارج الصلاة، سواء قيل بوجوبها، أو ندبيتها، هل يشترط فيها أن يصفه -صلى الله عليه وسلم- بالسيادة، كأن يقول مثلاً: اللَّهم صل على سيدنا محمد، أو على سيد الخلق، أو


(١) تقدم أن الصحيح أن صلاة الله معناها: ثناؤه على عبده. فتنبّه.
(٢) "فتح" جـ ١٢ ص ٤٤٩.