للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمَنْ خَطَرَتْ مِنْهُ بِبَابِكَ خَطْرَةٌ … حَقِيقٌ بِأنْ يَسْمُو وَأَنْ يَتَقدَّمَا

وقال الآخر: [من البسيط]

أَهْلاً بِمَا لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِمَوْقِعِهِ … قَوْلُ المُبَشِّرِ بَعْدَ الْيَأْسِ بِالْفَرَجِ

لَكَ الْبِشَارَةُ فَاخْلعْ مَا عَلَيْكَ فَقَدْ … ذُكِرْتَ ثَمَّ عَلَى مَا فِيكَ مِنْ عِوَجِ

٣٦ - أنها سبب لتثبيت القدَم على الصراط، والجواز عليه، لحديث عبد الرحمن بن سَمُرَة -رضي الله عنه-، الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه: "ورأيت رجلاً من أمتي يَزْحَف على الصراط، ويحبو أحياناً، ويتعلّق أحياناً، فجاءته صلاته عليّ، فأقامته على قدميه، وأنقذته". رواه أبو موسى المديني، وبنى عليه كتابه في "الترغيب والترهيب"، وقال: هذا حديث حسنٌ جداً.

٣٧ - أن الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- أداء لأقلّ القليل من حقّه، وشكر له على نعمته التي أنعم الله تعالى بها علينا، مع أن الذى يستحقه من ذلك لا يُحصى علماً ولا قدرة، ولا إرادةً، ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره، وأداء حقّه.

٣٨ - أنها متضمنة لذكر الله تعالى، وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله تعالى، وذكر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله، كما عرّفنا ربَّنا، وأسماءَهُ، وصفاته، وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرّفنا ما لنا بعد الوصول إليه, والقُدُوم عليه، فهي متضمنة لكلّ الإيمان, بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الربّ المدعوّ، وعلمه، وسمعه، وقدرته, وإرادته، وحياته، وكلامه، وإرسال رسوله، وتصديقه في أخباره كلها، وكمال محبّته، ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- متضمنة لعلم العبد ذلك، وتصديقه به، ومحبّته له، فكانت من أفضل الأعمال.

٣٩ - أن الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- من العبد هي دعاء، ودعاء العبد وسؤاله نوعان:

(أحدهما): سؤاله حوائجه، ومهماته، وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال، وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.

(الثاني): سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه -صلى الله عليه وسلم-، ويزيد في تشريفه، وتكريمه، وإيثارة ذكره، ورفعه، ولا ريب أن الله تعالى يُحبّ ذلك، ورسوله يُحبّه، فالمصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- قد صرف سؤاله، ورغبته، وطلبه إلى محابّ الله ورسوله، وآثر ذلك على طلبه حوائجه، ومحابّه هو، بل كان هذا المطلوب من أحبّ الأمور إليه، وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو، فقد آثر الله ومحابّه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل، فمن آثر الله على غيره، آثره الله على غيره.