للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وههنا نكتةٌ حسنةٌ لمن علّم أمته دينه، وما جاء به، ودعاهم إليه، وحضّهم عليه، وصَبَرَ على ذلك، وهي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- له من الأجر الزائد على أجر عمله مثلُ أجور من اتبعه، فالداعي إلى سنته ودينه، والمعلّم الخير للأمة إذا قصد توفيرَ هذا الحظّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصرفه إليه، وكان مقصوده بدعاء الخلق إلى الله التقرّب إليه بإرشاد عباده، وتوفير أجور المطيعين له على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع توفيتهم أجورهم كاملةً، كان له من الأجر في دعوته، وتعليمه بحسب هذه النية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة:

ذكر العلماء المواطن التي يطلب فيها الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:

قال في "الفتح": ومن المواطن التي اختُلف في وجوب الصلاة عليه فيها: التشهد الأول، وخطبة الجمعة، وغيرها من الخطب، وصلاة الجنازة.

ومما يتأكّد، ووردت فيه أخبار خاصةٌ، أكثرها بأسانيد جيّدة: عقب إجابة المؤذن، وأوّل الدعاء، وأوسطه، وآخره، وفي أوّله آكد، وفي آخر القنوت، وفي أثناء تكبيرات العيد، وعند دخول المسجد، والخروج منه، وعند الاجتماع، والتفرّق، وعند السفر، والقدوم، وعند القيام لصلاة الليل، وعند ختم القرآن، وعند الهمّ والكرب، وعند التوبة من الذنب، وعند قراءة الحديث، وتبليغ العلم، والذكر، وعند نسيان الشيء، وورد ذلك أيضاً في أحاديث ضعيفة، وعند استلام الحجر، وعند طنين الأذن، وعند التلبية، وعقب الوضوء، وعند الذبح، والعطاس، وورد المنع منها عندهما أيضاً، وورد الأمر بالإكثار منها يوم الجمعة في حديث صحيح، كما تقدّم انتهى (٢).

وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في "جَلاء الأفهام" هذه المواطن المذكورة، وزاد عليها حتى أوصلها إلى أحد وأربعين موطناً، وذكر أحاديثها، واستوفاها بما لا تجده مجموعاً في كتاب غيره، وإن كان كثير من تلك الأحاديث ضعيفة، إلا أن فيه خيراً كثيراً، فراجعه من ص ٢٦٣ - إلى ص ٣٥٨ تظفر بكنز عظيم. والله تعالى ولي التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

خاتمة -نسأل الله تعالى حسنها-:

ذكر الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان الْبُسْتي رحمه الله في "صحيحه" بعد إخراج حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم على صلاةً":


(١) "جلاء الأفهام" ص ٣٥٩ - ٣٦٩.
(٢) "فتح" جـ ١٢ ص ٤٦٠.