ومنها: أنه مسلسل بالمصريين إلى الصّنابحي, فإنه ومعاذاً شاميان.
ومنها: أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، عقبة، والحبلي، والصّنابحي. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن معاذ بن جبل) رضي الله تعالى عنه، أنه (قال: أخذ بيدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) فيه إشارة إلى تمام المحبّة بينهما، وفي رواية "عمل اليوم والليلة" رقم -١٠٩ - :"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيده يوماً … "، ونحوه لأحمد، وفي رواية له:"قال: لقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يامعاذ … "(فقال: إني لأحبك يا معاذ) وفي "عمل اليوم والليلة": "يا معاذ والله إني لأحبك".
وفيه مزيد تشريف منه -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ رضي الله تعالى عنه، وترغيب له فيما يريد أن يلقيه عليه من الذكر (فقلت: وأنا أحبك يا رسول الله) وفي رواية لأحمد: "فقلت: يا رسول الله وأنا والله أحبّك"، وفي رواية له، وهي رواية "عمل اليوم والليلة": " فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك"(فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلا تَدَعْ) أي فلا تترك، وهو مما هُجر ماضيه في الأكثر، استغناءً عنه بـ"تَرَكَ"، وقد ورد قليلاً، وقُرىء {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}.
أي إذا كنت تحبني، أو إذا أردت ثبات هذه المحبّة، حتى تؤتي ثمرتها، وهي كون المحب مع محبوبه في الجنة، فلا تترك أن تقول الخ.
وفي رواية لأحمد:"فإني أوصيك بكلمات تقولهنّ في كلّ صلاة … "، وفي "عمل اليوم والليلة": "أوصيك يا معاذ، لا تدعنّ في دبر كلّ صلاة أن تقول … "(أن تقول) في تأويل المصدر مفعول "تدع"(في كلّ صلاة) أي في آخرها قبل الخروج منها، وهذا هو الظاهر من هذه الرواية، وهو الذي مال إليه المصنف حيث أورده في جملة الدعوات التي يُدعَى بها في الصلاة قبل التحلل منها.
وقيل: يدعو بها بعد الخروج من الصلاة، لما تقدّم في رواية "عمل اليوم والليلة"، بلفظ:"في دبر كلّ صلاة"، وهي عند أحمد، وأبي داود أيضاً.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنه لا تخالف بين الروايتين، إذ الدبر يطلق على المتصل بالشيء، كدبر الحيوان، فيكون المعنى في آخر الصلاة قبل الخروج منها، أو يحمل على الحالتين، فيدعو بها في الصلاة، قبل السلام، وبعده، لكن المعنى الأول هو الأشبه بظاهر الحديث. والله تعالى أعلم ..
(ربّ أعنّي) وفي "عمل اليوم والليلة": "اللَّهم أعني"، وهي التي في رواية أحمد،