للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أمرهم بما يُطيقون، قالوا: لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فيغضبُ، حتى يعرف الغضب في وجهه، ثمّ يقول: "إن أتقاكم، وأعلمكم بالله أنا" (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث جابر رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٦٥/ ١٣١١ - وفي "الكبرى" -٩٩/ ١٢٣٤ - عن عمرو بن علي، عن يحيى القطان، عن جعفر الصادق، عن أبيه، عنه، مختصراً. وفي ٢٢/ ١٥٧٨ - عن عتبة بن عبد الله، عن ابن المبارك، عن سفيان الثوريّ، عن جعفر به، مطولاً.

وأخرجه (م) ٣/ ١١ مطولاً (د) رقم ٢٩٥٤ - (ق) ٢٤١٦ - (أحمد) ٣/ ٣١٠، و٣/ ٣١٩، و٣/ ٣٣٧، و٣/ ٣٧١ (ابن خزيمة) - ١٧٨٥. والله تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: هذا الحديث أورده المصنف رحمه الله تعالى هنا مستدلاً على مشروعية هذا الذكر في الصلاة بعد التشهد، وهذا يدلّ على أنه يرى أن المراد بالصلاة في قوله: "في صلاته بعد التشهد" الصلاة المعهودة، والتشهد هو قوله: "التحيّات لله الخ".

لكن الذي يظهر لي أن المراد بالصلاة الخطبةُ، بدليل أن هذا الحديث مختصر من حديث جابر رضي الله تعالى عنه الآتي للمصنف في "كتاب الجمعة" رقم ٢٢/ ١٥٧٨ من طريق سفيان الثوري، عن جعفر، بلفظ: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته … وفيه "إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- … الحديث.

وأصرح منه ما عند أحمد رحمه الله، فقد رَوَى الحديثَ عن يحيى شيخ المصنف بسنده … ولفظُهُ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في خطبته بعد التشهّد: "إن أحسن الحديث كتاب الله عزّ وجلّ، وأحسن الهدي هدي محمد … " الحديث.

فدلّ على أن المراد ليس تشهد الصلاة، وإنما هو تشهد الخطبة، وسماها صلاةً لأنها من مقدماتها، فخطبة الجمعة كجزء من صلاتها، ولذلك جعلها الجمهور من شرط صحتها، كما سيأتي الكلام عليه في محله، إن شاء الله تعالى.


(١) المصدر السابق جـ ١ ص ١١ - ١٢.