منها: أنه من سداسيات المصنف رحمه الله تعالى. ومنها: أن رجاله رجال الصحيح، غير شيخه، فمن أفراده، ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن حذيفة) رضى الله تعالى عنه (أنه رأى رجلاً) لم يعرف اسمه، وعند ابن خزيمة، وابن حبان، من طريق الثوري، عن الأعمش أنه كان عند أبواب كندة, ومثله لعبد الرزاق عن الثوريّ (يصلي) جملة في محلّ نصب صفة لـ"رجلاً"(فطفف) من التطفيف، وهو يطلق على النقص والزيادة (١) والمراد هنا الأول، ففي رواية البخاري:"رأى رجلاً لا يُتمّ الركوع والسجود"، وفي رواية عبد الرّزّاق "فجعل ينقُر، ولا يتم ركوعه"(فقال له حذيفة: منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين عاماً) وفي نسخة "سنة".
فإن قيل: هذا الكلام مشكل، لأن حذيفة -رضي الله عنه- مات سنة ست وثلاثين، فعلى هذا يكون ابتداء صلاة الرجل قبل الهجرة بأربع سنين، أو أكثر، ولعلّ الصلاة لم تكن فُرضت بعدُ، فكيف يصح قوله: منذ أربعين سنة؟
أجيب: بأنه أطلق ذلك, وأراد المبالغة، وزاد في "الفتح": أو لعله ممن كان يصلي قبل إسلامه، ثم أسلم، فحصلت المدّة المذكورة من الأمرين انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله في "الفتح" بعيد، كما لا يخفى. والله تعالى أعلم.
(قال: ما صليت منذ أربعين سنة) هو نظير قوله -صلى الله عليه وسلم- للمسيء صلاته "فإنك لم تصل".
وقال التيمي في شرح البخاري: معنى "ما صليت" أي صلاة كاملة، وقيل: نَفَى الفعلَ عنه بما نُفِي عنه من التجويد، كقوله:"لا يزني الزاني، حين يزني وهو مؤمن"، نفى عنه الإيمان لمثل ذلك (ولو متّ) بضم الميم، وكسرها (وأنت تصلي هذه الصلاةَ) جملة في محلّ نصب على الحال (لمتّ على غير فطرة محمد -صلى الله عليه وسلم-) قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: والمراد بـ "فطرة محمد" -صلى الله عليه وسلم-) شرعه ودينه انتهى.
واستُدلّ به على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود، وعلى أن الإخلال بها مبطل للصلاة.
(١) المشهور في كتب اللغة أن التطفيف هو النقص، لكن أشار في "اللسان" إلى أنه يكون بمعنى الوفاء والنقص. راجعه في مادة "طفف".