عندنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير وجه أنه كان يُسلّم عن يمينه، وعن شماله حتى يُرى بياض خدّه.
وقال العُقيلي: الأحاديث الصحاح عن ابن مسعود، وسعد بن أبي وقّاص، وغيرهما فى تسليمتين.
وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يسلّم تسليمة واحدة من وجوه لا يصحّ منها شيء. قاله ابن المديني، والأثرم، والعقيليّ، وغيرهم.
وقال الإمام أحمد: لا يُعرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التسليمة الواحدة إلا حديثٌ مرسلٌ لابن شهاب الزهري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى.
ومراسيل ابن شهاب من أوهى المراسيل وأضعفها.
ومن أشهرها حديث زهير بن محمد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ثم يميل إلى الشقّ الأيمن شيئاً. أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسيّ، عن زهير به، وقال: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، قال محمد بن إسماعيل: زُهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق عنه أشبه.
وأخرجه ابن ماجه من طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زُهير به مختصراً.
وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، وأخطأ فيما قال، فإن روايات الشاميين عن زهير مناكير عند أحمد، ويحيى بن معين، والبخاريّ، وغيرهم.
قال أحمد في رواية الأثرم: أحاديث التنّيسي عن زُهير بواطيل، قال: وأظنّه قال: موضوعة، قال: فذكرت له هذا الحديث فى التسليمة الواحدة، فقال مثل هذا.
وذكر ابن عبد البرّ أن يحيى بن معين سُئل عن هذا الحديث؟ فضعّفه. وقال أبو حاتم الرازي: هو منكر، إنما هو عن عائشة موقوف، وكذا رواه وُهيب بن خالد، عن هشام، وكذا رواه الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن هشام، عن أبيه، موقوفاً، قال الوليد: فقلت لزهير: فهل بلغك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء؟ قال: نعم، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاريّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلّم تسليمة واحدة. قال العقيلي: حديث الوليد أولى -يعني من حديث عمرو بن أبي سلمة- قال: وعمرو في حديثه وَهَم. قال الدارقطني: الصحيح وقفه، ومن رفعه فقد وَهِمَ.
وأخرج النسائي من حديث سعد بن هشام، عن عائشة في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل أنه كان يسلّم تسليمة يُسمعنا (١).
(١) سيأتي للمصنف رقم ٤٢/ ١٧١٩.