للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثانية، وقد نص أحمد على ذلك، وأن الأُولى تكون أرفع من الثانية في الجهر.

وقد روى أبو رزين قال: سمعت عليّا يُسلّم في الصلاة عن يمينه، وعن شماله، والتي عن شماله أخفض. ومن أصحاب أحمد من قال: يجهر بالثانية، ويخفض بالأولى، وهو قول النخعي. انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى ببعض تصرف (١).

وقال العلّامة الشوكاني رحمه الله بعد أن ذكر اختلاف أهل العلم في هذه المسألة:

والحقّ ما ذهب إليه الأولون -يعني القائلين بمشروعية التسليمتين- لكثرة الأحاديث الواردة بالتسليمتين، وصحة بعضها، وحسن بعضها، واشتمالها على الزيادة، وكونها مثبتة، بخلاف الأحاديث الواردة بالتسليمة الواحدة، فإنها مع قلتها ضعيفة لا تنتهض للاحتجاج بها، ولو سُلّم انتهاضها لم تصلح لمعارضتها أحاديثَ التسليمتين، لما عرفت من اشتمالها على الزيادة.

وأما القول بمشروعية ثلاث (٢) فلعلّ القائل به ظن أن التسليمة الواحدة -يعني في حديث عائشة وغيرها- غير التسليمتين، فجمع بين الأحاديث بمشروعية الثلاث، وهو فاسد، وأفسد منه ما رواه في "البحر" عن البعض من أن المشروع واحدة في المسجد الصغير، وثنتان في المسجد الكبير. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الشوكاني رحمه الله تعالى حسنٌ جدّاً.

وحاصله ترجيح قول الجمهور في مشروعية التسليمتين، وتفنيد الأقوال الأخرى لعدم استنادها إلى دليل يصلح للاعتماد عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٣١٧ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ هَذَا لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ).


(١) "شرح صحيح البخاري" جـ ٧ ص ٣٦٦ - ٣٧٥.
(٢) نقله الشوكاني عن عبد الله بن موسى بن جعفر من أهل البيت، فإنه ذهب إلى أن الواجب ثلاث يميناً وشمالاً، وتلقاء الوجه. انظر "نيل الأوطار" جـ ٢ ص ٣٤٥.