للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبعَدَ مَن قال: إنما نفى أبو معبد التحديث، ولا يلزم منه نفي الإخبار، وهو الذي وقع من عمرو، ولا مخالفة، وتردّه الرواية التي فيها "فأنكره"، ولو كان كما زعم لم يكن هناك إنكار، ولأن التفرقة بين التحديث والإخبار إنما حدث بعد ذلك، وفي كتب الأصول حكاية الخلاف في هذه المسألة عن الحنفية انتهى (١).

وإلى هذه القاعدة أشار الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في "ألفية الحديث" حيث قال:

وَمَنْ نَفَى مَا عَنْهُ يُرْوَى فَالأَصَحُّ … إسْقَاطُهُ لكِنْ بِفَرْعٍ ما قَدَحْ

أَوْ قَال لَا أذْكُرُهُ أَوْ نَحْوَ ذَا … كَأَنْ نَسِي فَصَحَّحُوا أن يُؤخَذَا

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في مشروعية الجهر بالذكر:

قال النووي رحمه الله تعالى عند شرح حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المذكور: ما نصه:

هذا دليل لما قاله بعض السلف: إنه يستحبّ رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبّه من المتأخرين ابن حزم الظاهريّ، ونقل ابن بطال، وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الاتفاق المذكور غير صحيحة، وسيتبين لك بطلانها في كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، حيث ينقل عن الإمام أحمد رحمه الله وغيره مشروعيةَ الجهر. فتبصر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف. وبالله تعالى التوفيق.

قال: وحمل الشافعيّ رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتاً يسيراً حتى يُعلّمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا به دائماً، قال: فأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة، ويُخْفيان ذلك، إلا أن يكون إماماً يريد أن يُتَعلّم منه، فيجهر حتى يَعلَم أنه قد تُعُلِّم منه، ثمّ يُسرّ، وحَمَلَ الحديث على هذا انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى (٢).

وقال الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى:

[مسألة]: ورفع الصوت بالتكبير إثر كلّ صلاة حسن.


(١) "فتح" جـ ٢ ص ٥٩٣ - ٥٩٤.
(٢) "شرح مسلم" جـ ٥ ص ٨٤.