للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلى رجل إلى جنب عبد الله بن عمرو بن العاص، فسمعه حين سلّم يقول: "أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ثم صلى إلى جنب عبد الله بن عُمر، فسمعه حين سلّم يقول مثل ذلك، فضحك الرجل، فقال له ابن عمر: ما أضحكك؟ قال: إني صليت إلى جنب عبد الله بن عمرو، فسمعته يقول مثل ما قلت، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك (١).

وأما النهي عن رفع الصوت بالذكر، فإنما المراد به المبالغة في رفع الصوت، فإن أحدهم كان ينادي بأعلى صوته "لا إله إلا الله، والله أكبر"، فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تنادون أصمّ، ولا غائباً"، وأشار إليهم بيده يُسكّتهم، ويخفّضهم. وقد أخرجه الإمام أحمد بنحو من هذه الألفاظ (٢).

وقال عطية بن قيس: كان الناس يذكرون الله عند غروب الشمس يرفعون أصواتهم بالذكر، فإذا خفضت أصواتهم أرسل إليهم عمر بن الخطاب أن كرروا الذكر. أخرجه جعفر الفريابي في "كتاب الذكر". وأخرج أيضًا من رواية ابن لهيعة، عن زُهْرَة بن معبد، قال: رأيت ابن عمر إذا انقلب من العشاءين كبّر حتى يبلغ منزله، ويرفع صوته.

وروى محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً كان يرفع صوته بالذكر، فقال رجل: لو أن هذا خفض من صوته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعه، فإنه أوّاه".

وهذا يدلّ على أنه يُحتَمَلُ ذلك ممن عُرف صدقه وإخلاصه دون غيره.

وأخرج الإمام أحمد من رواية عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل يقال له ذو البجادين: "إنه أوّاه"، وذلك أنه رجل كان كثير الذكر لله في القرآن، ويرفع صوته في الدعاء". وفي إسناده ابن لهيعة.

وقال الأوزاعيّ في التكبير في الحرس في سبيل الله: أحبّ إلىّ أن يذكر الله في


(١) راجع "عمل اليوم والليلة" رقم ٣٦٥، قال النسائي عقب حديثه هذا: يحيى بن أيوب عنده أحاديث مناكير، وليس هو بذلك القوى في الحديث. انتهى. ونقل في "تهذيب التهذيب" للنسائي قولاً آخر، فقال: ليس به بأس. انتهى. و"يحيى" فيه أقوال للعلماء، فمنهم من وثقه كابن معين، والبخاري، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم، ومنهم من ضعفه كابن سعد، والعقيلي، وغيرهما، وأحسن الأقوال التوسط، وهو ما قاله ابن عديّ: ولا أرى في حديثه إذا روى عن ثقة حديثا منكرًا، وهو عندي صدوق لا بأس به انتهى.
قال الجامع: هنا حدّث عن جعفر بن ربيعة، وهو ثقة، فحديثه لا ينزل عن الحسن. والله تعالى أعلم.
(٢) هو في "الصحيحين" دون قوله: "وأشار إليهم".