سمع عبد الله بن الزبير، يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلّم من صلاته يقول بصوته الأعلى:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له … " الخ.
إلا أنه ليس عنده كلمة "لا إله إلا الله" بين قوله: "لا حول ولا قوّة إلا بالله"، وقوله:"ولا نعبد إلّا إيّاه". وإبراهيم شيخه متكلّم فيه.
(لا إله إلا الله وحده) أي منفرداً في ذاته (لا شريك له) أي في أفعاله، وصفاته، وعبادته. وقيل: تأكيد بعد تأكيد، لمزيد الاعتناء بمقام التوحيد (له الملك) في تقديم الخبر ما يفيد الحصر، أي لا لغيره (وله الحمد) في الأولى والآخرة، لا لغيره، فلا منعم سواه حتى يستحقّ الحمد (وهو على كل شيء قدير، لا حول لا قوّة إلا بالله) قال الأزهريّ: سمعت المنذريّ، يقول: سمعت أبا الهيثم يقول عن تفسير قوله: "لا حول ولا قوّة إلا بالله"، قال: الحولُ: الحَرَكَةُ، تقول: حالَ الشخصُ: إذا تحرّك، وكذلك كلّ متحوّل عن حاله، فكأن القائل إذا قال: لا حول ولا قوّة إلّا بالله يقول: لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله. وقال الكسائي،: يقال: لا حول ولا قوّة إلا بالله، ولا حَيْلَ ولا قوّة إلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حول ولا قوّة إلا بالله، وفُسّر بذلك المعنى: لا حركة، ولا قوّة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحول الحيلةُ، قال ابن الأثير، والأول أشبه انتهى (١).
(لا إله إلا الله لا نعبد) وفي الرواية الآتية في الباب التالي "ولا نعبد" بالواو (إلا إيّاه) إذ لا يستحقّ العبادة سواه (أهل النعمة) بالنصب على الاختصاص، أو المدح، أو البدل من مفعول "نعبد"، أو الرفع بتقدير "هو".
ولفظ الرواية الآتية:"له النعمة". والمراد جنس النعمة، قال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ}[النحل: ٥٣]، أو له نعمة التوفيق (والفضل) بالجر عطفاً على "النعمة"، وفي الرواية الآتية:"وله الفضل". أي له الفضل بالقبول، أو له التفضّل على عباده (والثناء الحسن) بجرّ "الثناء على العطف أيضاً، و"الحسن" صفة له، أي له لا لغيره الوصف الحسن على ذاته، وصفاته، وأسمائه، وأفعاله. وفي الرواية الآتية: "وله الثناء الحسن".
(لا إله إلا الله مخلصين له الدين) أي الطاعة (ولو كره الكافرون) أي كونَنَا مخلصين دينَ الله، وكوننا عابدين وموحّدين له.
قال الطيبي رحمه الله: "مخلصين" حال عامله محذوف، وهو الدّالّ على مفعول