للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن دقيق العيد: قوله: "منك" يتعلّق بـ"ينفع"، وينبغي أن يكون "ينفع" قد ضُمّن معنى "يمنع"، أو ما قاربه، ولا يعود "منك" إلى "الجدّ" على الوجه الذي يقال فيه: حظي منك قليل، أو كثير، بمعنى عنايتك بي، أو رعايتك لي، فإن ذلك نافع انتهى (١).

و"الجدّ" مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم، ومعناه الغنى، كما نقله البخاريّ عن الحسن، أو الحظ.

وحكى الراغب أن المراد به هنا أبو الأب، أي لا ينفع أحداً نسبه.

وقال القرطبي: حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه رواه بالكسر، وقال: معناه: لا ينفع ذا الاجتهاد اجتهاده. وأنكره الطبري. وقال القزّاز في توجيه إنكاره: الاجتهاد في العمل نافع، لأن الله قد دعا الخلق إلى ذلك، فكيف لا ينفع عنده؟، قال: ويحتمل أن يكون المراد أنه لا ينفع الاجتهاد في طلب الدنيا، وتضييع أمر الآخرة. وقال غيره: لعل المراد أنه لا ينفع بمجرّده، ما لم يقارنه القبول، وذلك لا يكون إلا بفضل الله ورحمته، كما ثبت في حديث "لا يُدخلُ أحداً منكم الجنةَ عمَلُهُ". وقيل: المراد على رواية الكسر السعي التامّ في الحرص، أو الإسراع في الهرب.

وقال النووي: الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظّ في الدنيا بالمال، أو الولد، أو العظمة، أو السلطان.

والمعنى لا يُنجيه حظه منك، وإنما يُنجيه فضلك ورحمتك.

[فائدة]: اشتهر على الألسنة فى الذكر المذكور زيادة: "ولا رادّ لما قضيت", وهي في مسند عبد بن حُميد من رواية معمر، عن عبد الملك بن عُمير، عن ورّاد به, لكن حذف قوله: "ولا معطي لما منعت". ووقع عند الطبراني تامًا من وجه آخر، قاله في "الفتح" (٢).

وسيأتي للمصنف في الباب التالي: أنه كان يقول الذكر المذكور ثلاث مرّات، وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.


(١) "إحكام الأحكام" جـ ٣ ص ٦٩ بنسخة الحاشية.
(٢) "فتح" جـ ٢ ص ٦٠١ - ٦٠٢.