للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من سداسيات المصنف رحمه الله تعالى، وأن رجاله كلهم رجال الصحيح، سوى خلاد بن سليمان، فإنه من أفراده، وهو ثقة عابد، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه عائشة رضي الله تعالى عنها من المكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جلس جلساً) تدل "كان" على ملازمته لهذا الذكر، و"المجلس" بكسر الجيم: موضع الجلوس، وهو منصوب على الظرفية لـ"جلس" قياساً، لكون عامله من لفظه، كما قال في "الخلاصة":

وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيساً أَنْ يَقَعْ … ظَرْفاً لِمَا فِي أَصْلِهِ مَعْهُ اجْتَمَعْ

(أو صلّى) الظاهر أنها أرادت إذا فرغ من الصلاة، وهذا هو وجه إيراد المصنف رحمه الله له في جملة الأذكار التي تقال بعد التسليم، ويؤيده وصف هذا الذكر بكونه طابعاً، لأن الخاتم إنما يُختم به بعد تمام الشيء المختوم في نهايته، أو خارج ظرفه. والله تعالى أعلم.

ثم إن قولها: "صلّى" يعم الفرض والنفل (تكلّم) جواب "إذا" (بكلمات، فسألته عائشة) رضي الله تعالى عنها (عن الكلمات) أي عن ألفاظها (فقال) -صلى الله عليه وسلم- (إن تكلّم) الفاعل ضمير يعود إلى اسم الفاعل المفهوم من "تكلّم"، أي متكلّم، على رأي البصريين، لأنهم لا يجيزون حذف الفاعل، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فِعْلٍ فاعِلٌ فَإِن ظَهَرْ … فَهُوَ وَإِلَّا فَضَمِيرٌ اسْتَتَرْ

أو محذوف، تقديره "أحد"، أو "متكلّم" مثلاً على رأي الكسائي، لأن عنده يجوز حذفه (بخير كان) ذكر الضمير باعتبار المسؤول عنه، أي كان المسؤول عنه من الكلمات (طابعاً) بفتح الموحدة، وكسرها: الخاتم الذي يُختم به. قاله في "اللسان"، أي خاتماً يُختم به (عليهنّ إلى يوم القيامة) الضمير للخير، وإنما أعاد عليه ضمير المؤنثات مع كونه مذكّرا، لتأويله بالخيرات، وفيه إشارة إلى الترغيب في تكثير الخير، وتقليل الشر، حيث أعاد على الأول ضمير الجماعة، وأفرد ضمير الثاني في قوله: "كان كفارة له".

يعني: أنه إن تكلّم قبل هذا الذكر بخير، كأن يذكر الله تعالى، أو يعلّم الناس، أو يعظهم، ثم ذكر هذا الذكر عقبه كان هذا الذكر خاتماً يُختم به ذلك الخير، فلا يتطرّق إليه خلل إلى قيام الساعة.