للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا، فدلّ على جواز الأمرين، وأما تخطئة ابن مسعود، فإنما هي لاعتقاد أحدهما واجباً بعينه، وهذا خطأ بلا ريب، واللائق أن ينصرف إلى جهة حاجته، وإلا فاليمين أفضل بلا وجوب، والظاهر أن حاجته -صلى الله عليه وسلم- غالباً الذهاب إلى البيت، وبيته إلى اليسار، فلذا أكثر ذهابه إلى اليسار. والله تعالى أعلم انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فإن قيل: هذا يعارض ما علّقه البخاري فى "صحيحه"، ووصله مسدد في "مسنده الكبير" من طريق سعيد، عن قتادة، قال،: كان أنس ينفتل عن يمينه، وعن يساره، ويَعيب على من يتوخّى ذلك، أن لا ينفتل إلّا عن يمينه، ويقول: يدور كما يدور الحمار.

أجيب: بأن أنساً إنما عاب من يعتقد تحتّم ذلك ووجوبه، وأما إذا. استوى الأمران فجهة اليمين أولى. قاله في "الفتح". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أنس رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٠٠/ ١٣٥٩ - وفي "الكبرى" ١٣٤/ ١٢٨٢ - بالسند المذكور.

وأخرجه (م) ٢/ ١٥٣ (أحمد) ٣/ ١٣٣ و٣/ ١٧٩ و٣/ ٢١٧ و٣/ ٢٨٠ (الدارمي) رقم ١٣٥٨ و١٣٥٩. والله تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في أقوال أهل العلم في الانصراف من الصلاة:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وأما الانصراف: فهو قيام المصلي، وذهابه من موضع صلاته إلى حاجته، فيذهب حيث كانت حاجته، سواء كانت من جهة اليمين، أو اليسار، ولا يستحبّ له أن يقصد جهة اليمين مع حاجته إلى غيرها.

هذا قول جمهور العلماء، ورُوي عن عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، والنخعىّ، وعطاء، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.

وإنما كان أكثر انصراف النبي -صلى الله عليه وسلم- عن يساره - يعني كما يأتي فى حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- لأن بيوته كانت من جهة اليسار.

فإن لم يكن له حاجة في جهة من الجهات، فقال الشافعي، وكثير من أصحاب


(١) "شرح السندي" جـ ٣ ص ٨١.