أحمد: انصرافه إلى اليمين أفضل، فإن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يُعجبه التيمن في شأنه كلّه.
وحمل بعضهم على ذلك حديث أنس -رضي الله عنه- المذكور في الباب.
وحكى ابن عبد البرّ عن الحسن، وطائفة من العلماء أن الانصراف عن اليمين أفضل، وحكاه ابن عمر عن فلان، وأنكره عليه, ولعله يريد ابن عباس -رضي الله عنهما-.
وسئل عطاء أيهما تستحبّ؟ قال: سواء، ولم يفرّق بين أن يكون له حاجة أو لا.
وسيأتي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها آخر الباب "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينصرف عن يمينه، وشماله".
ورَوَى قَبيصةُ بن هُلْب، عن أبيه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤمنا، فينصرف على جانبيه جميعاً، عن يمينه وشماله.
أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال: حديث حسن.
وعليه العمل عند أهل العلم، قال: وصحّ الأمران عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخص من الأدلّة المذكورة في الباب أن الانصراف لمن كانت له حاجة يكون من جهتها، وإلا فالانصراف من اليمن هو الأفضل لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يُعجبه التيامن، وبهذا تجتمع الأحاديث المختلفة في هذا الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٣٦٠ - (أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا، يَرَى أَنَّ حَتْمًا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَكْثَرَ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (أبو حفص عمرو بن علي) الفلّاس البصري، ثقة حافظ [١٠] تقدم ٤/ ٤. وسقط من بعض النسخ قوله: "أبو حفص".
٢ - (يحيى) بن سعيد القطّان الإمام الحجة المشهور [٩] تقدم ٤/ ٤.
٣ - (الأعمش) سليمان بن مهران تقدّم قبل بابين.
٤ - (عمارة) بن عُمير التميمي الكوفي، ثقة ثبت [٤] تقدم ٤٩/ ٦٠٨.
٥ - (الأسود) بن يزيد النخعي، مخضرم ثقة مكثر فقيه [٢] تقدم ٢٩/ ٣٣.
٦ - (عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه، تقدم ٣٥/ ٣٩. والله تعالى أعلم.
(١) "شرح البخاري" جـ ٧ ص ٤٤٦ - ٤٤٩.