البخاريّ على ما قال أبو حاتم، ويعقوب بن سفيان، وابن حبّان، ووقع عند الطحاويّ في روايته لحديثه عن الحارث بن عبد الله بن أوس، عن الوليد بن عبد الرحمن بن الزّجّاج. روى له البخاريّ في "خلق أفعال العباد"، والباقون، وله في هذا الكتاب (٤) أحاديث.
٥ - (جُبَير بن نُفير) الحضرميّ الحمصيّ، ثقة جليل مخضرم [٢] تقدم ٥٠/ ٦٢.
٦ - (أبو ذر) الغفاري جُندب بن جُنَادة، وقيل: غيره الصحابي المشهور -رضي الله عنه- تقدم ٢٠٣/ ٣٢٢. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سداسيات المصنف رحمه الله تعالى، وأن رجاله رجال الصحيح غير شيخه، وأن نصفه الأول مسلسل بالبصريين، والثاني بالحمصيين غير الصحابيّ، وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: داود، والوليد، وجبير. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي ذَرٍّ) رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَمَضَانَ) فيه جواز إطلاق لفظ "رمضان" بدون ذكر "شهر"، خلافاً لمن كره ذلك، وسيأتي في محله، إن شاء الله تعالى.
(فَلَمْ يَقُمْ بِنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) أي لم يصلّ بنا صلاة الليل (حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ) أي سبع ليال من شهر رمضان (فَقَامَ بِنَا، حَتَّى ذَهَبَ نَحوٌ مِن ثُلُثِ اللَّيْلِ) أي صلى بنا الليلة السابعة مما بقي من الشهر، وهي الليلة الثالثة والعشرون، ومَدّ القيام حتى مضى زمن يُقدّر بأنه نحو ثلث الليل (ثُمَّ كانَتْ سَادِسَةٌ)"كان" هنا تامّة، بمعنى "جاء"، أي ثم جاءت ليلة سادسة مما بقي من الشهر، وهي الليلة الرابعة والعشرون التالية لليلة القيام (فَلَمْ يَقُمْ بِنَا) أي لم يصلّ بنا تلك الليلة السادسة (فَلَمَّا كانَتِ الْخَامِسَةُ، قَامَ بنَا) أي لما جاءت الليلة الخامسة مما بقي من الشهر، وهي الليلة الخامسة والعشرون صلى بنا (حَتَّى ذَهَبَ نَحوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ) أي من نصفه (قُلْنَا: يَا رَسولَ اللَّهِ) وفي رواية أبي داودة فقلتُ: يا رسول الله (لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ)"لو" للتمنّي، و"نفلتنا" بتشديد الفاء، وتخفيفها، والنّفَلُ محرّكةً في الأصل: الغنيمة والهبة، جمعها أَنفالٌ، ونَفَلَه النفَلَ مخفّفًا، ونَفَلَه مشدّدًا، وأنفله بالألف: أعطاه إيّاها. قاله المجد اللغوي.
والمعنى: نتمنّى أن تزيدنا في قيام هذه الليلة على النصف حتى يستوعبَ القيامُ كلّها، وتنفلنا من الأجر الذي يحصل من ثواب الصلاة فيها.