للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُعَيِّنهم لو عَيَّن أشخاصًا، لأن النصيحة، في الملإ فضيحة.

(عَنْ وَدْعهِمُ الْجُمُعَات) -بفتح الواو، وسكون الدال: مصدر وَدَعَ، أي عن تركهم إياها، والتخلف عنها من غير عذر، من وَدَعَ الشيءَ يَدَعُهُ وَدْعًا: إذا تركه.

وقول النحاة: إن العرب أماتوا ماضيه ومصدره، واسم فاعله، استغناء بتَرَكَ تَرْكًا، فهو تارك: محمول على أن الغالب عدم استعمال ذلك، استغناء بما هو أخفّ، لا أنهم لم يستعملوا ذلك أصلًا.

وقيل: قولهم مردود، والحديث حجة عليهم، قال التوربشتي رحمه الله: لا عبرة بما قال النحاة، فإن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الحجة القاضية على كلّ ذي فصاحة انتهى.

وقال الفيّوميّ رحمه الله: وأصل المضارع الكسر، ومن ثَمَّ حُذفت الواو، ثمّ فُتح لمكان حرف الحلق، قال بعض المتقدّمين: وزعصت النحاة أن العرب أماتت ماضيَ "يَدَعُ"، ومصدرَه، واسم الفاعل، وقد قرأ مجاهد، وعروة، ومقاتل، وابن أبي عَبْلَة، ويزيد النحويّ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} بالتخفيف، وفي الحديث: "ليَنتَهينّ أقوام عن وَدْعهم الجمعات"، أي عن تركهم، فقد رُويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقلت من طريق القُرّاء، فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذا سبيله، فيجوز القول بقلّة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فمما أنشدوا لاستعمال ماضيه -كما أورده ابن منظور رحمه الله تعالى- (٢) قوله الشاعر:

وَكانَ مَا قَدَّمُوا لأَنْفُسِهِمْ … أَكْثَرَ نَفْعًا مِنَ الَّذِي وَدَعُوا

وقول الآخر:

لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلي مَا الَّذِي … غَالَهُ حَتَّى وَدَعَهْ

وقول الآخر:

سَلْ أَمِيرِي مَا الَّذِي غَيَّرَهُ … عَنْ وِصَالِي اليَوْمَ حَتَّى وَدَعَهْ

وقول الآخر:

فَسَعَى مَسعَاتَهُ في قَوْمِهِ … ثُمَّ لَمْ يُدْرِكْ وَلَا عَجْزًا وَدَعْ

ومن استعمال اسم الفاعل له قوله:

فَأيُّهُمَا مَا أَتْبَعَنَّ فَإِنَّنِي … حَزِينٌ عَلَى تَرْكِ الَّذِي أَنَا وَادِعُ


(١) "المصباح المنير" جـ ١ ص ٦٥٣.
(٢) راجع "لسان العرب" جـ ٦ ص ٤٧٩٧.