عليهم الغفلة، ونَسُوا الله، فنسيهم.
وفي"الكبرى"، و"صحيح مسلم" "ثم ليكوننّ من الغافلين"، أي ثمّ يُترقىّ بهم في الشرّ إلى هذه المرتبة.
قال الطيبي رحمه الله: "ثمّ" لتراخي الرتبة، فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود عليهم بالغفلة أدعى لشقائهم، وأنطق لخسرانهم من مطلق كونهم مختومًا عليهم. وقيل: المراد: من الدائمين في الغفلة.
قال القاض رحمه الله: والمعنى: أن أحد الأمرين كائن لا مَحَالةَ، إما الانتهاء عن ترك الجمعات، أو ختم الله تعالى على قلوبهم، فإن اعتياد ترك الجمعة يُغَلِّب الرّينّ على القلب، ويُزهِّد النفوس في الطاعة، وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين، أي عن اكتساب ما ينفعهم من الأعمال، وعن ترك ما يضرّهم منها.
والحديث من أعظم الزواجر عن ترك الجمعة، والتساهل فيها، ومن أدلّة أنها من فروض الأعيان (١).
وهذا كله فيمن تركها تهاونا وتكاسلًا من غير عذر، لما تقدم من الأدلة التي قيدته بعدم العذر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث ابن عباس، وابن عمر رضي الله تعالى عنهما هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢/ ١٣٧٠ - وفي "الكبرى" -٤/ ١٦٥٨ - عن محمد بن معمر، عن حَبّان بن هلال، عن أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن زيد بن سلّام، عن جده أبي سلّام، عن الحكم بن ميناء، عنهما. وفي "الكبرى" -٤/ ١٦٥٩ - عن إبراهيم بن يعقوب، عن سعيد بن الربيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلّام به.
ثم قال: قال علي: ثم كتب به إليّ عن ابن عمر، وأبي هريرة، أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -على أعواد منبره-: "لينتهينّ أقوام … " الحديث.
وأخرجه (م) من حديث ابن عمر، وأبي هريرة -رضي الله عنهم- ٣/ ١٠ - و (ق) (٧٩٤) (أحمد
(١) "المرعاة" جـ ٤ ص ٤٤٥.