للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبي رحمه الله تعالى: كون يوم الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها (١)، وإنما يَفضُلُ بعضُها بعضاً بما يُخَصّ به من أمر زائد على نفسه، ويوم الجمعة قد خُصّ من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس، وتتفق هممهم، ودواعيهم، ودعواتهم فيها، ويكون حالهم فيها كحالهم يوم عرفة، ليُستجاب لبعضهم في بعضهم، ويُغفر لبعضهم ببعض، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الجمعة حج المساكين" (٢). أي يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة، ثم إن الملائكة يَشهدونهم، ويكتبون ثوابهم، ولذلك سُمي هذا اليومُ اليوم المشهود، ثم يحصل لقلوب العارفين من الألطاف، والزيادات حسبما يدركونه من ذلك، ولذلك سمي يوم المزيد، ثم إن الله تعالى قد خصه بالساعه التي فيه، وبأن أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي خلق آدم -عليه السلام- الذي هو أصل البشر، ومن ولده الأنبياءُ، والأولياءُ، والصالحون، ومنها إخراجه من الجنة التي حصَلَ عنده إظهار معرفة الله تعالى، وعبادته في هذا النوع الآدمي، مع إجرامه، ومخالفته، ومنها موته الذي بعده وُفّي به أجره، ووصل إلى مأمنه، ورجع إلى المستقرّ الذي خرج منه، ومن فَهمَ هذه المعاني فَهمَ فضيلة هذا اليوم، وخصوصيّته بذلك، فحافظ عليه، وبادر إليه انتهى (٣). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٤/ ١٣٧٣ - وفي "الكبرى" -٦/ ١٦٦٣ - عن سُويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن عبد الرحمن الأعرج، عنه، وفي "الكبرى" ٦/ ١٦٦٤ - عن هارون بن موسى، عن أبي ضمرة، عن يونس به.

وأخرجه (م) ٣/ ٦ رقم ٨٥٤ - (ت) ٤٨٨ (أحمد) ٢/ ٤٠١ و٢/ ١٨ و٢/ ٥١٢ و٢/ ٥٤٠ (ابن خزيمة) ١٧٢٩. والله تعالى أعلم.


(١) قال الجامع: كلام القرطبي هذا فيه نظر لا يخفى؛ لأن ظاهر النص يدل على أن فضله في نفسه وذلك بتفضيل من الله تعالى، ولكون فضله في نفسه حصلت فيه هذه الأمور العظام. والله تعالى أعلم.
(٢) حديث ضعيف أخرجه ابن زنجويه في "ترغيبه"، والقضاعي من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. راجع "ضعيف الجامع الصغير" للشيخ الألباني رحمه الله ص ٣٩٤.
(٣) "المفهم" جـ ٢ ص ٤٩٠ - ٤٩١.