للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدوابّ يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة، من ساعات يوم الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" (١).

(وَفيه أُدْخلَ الْجَنَّةَ) فيه دليل على أن آدم -عليه السلام- لم يُخلق في الجنّة، بل خلق خارجها، ثم أدخل فيها.

قيل: إن خلقه، وإدخاله كانا في يوم واحد، ويحتمل أنه خلق يوم الجمعة، ثمّ أمهل إلى جمعة أخرى، فأدخل فيها الجنّة، وكذا الاحتمال في يوم الإحراج.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا كله مما لا دليل عليه. والله تعالى أعلم.

(وَفيه أُخْرجَ منْهَا) قال ابن كثير رحمه الله: إن كان يومُ خلقه يومَ إخراجه، وقلنا: الأيام الستة كهذه الأيام، فقد أقام في الجنة بعض يوم من أيام الدنيا، وفيه نظر، وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه، وقلنا: إن كل يوم بألف سنة، كما قال ابن عباس، والضحاك، واختاره ابن جرير، فقد لبث هناك مدة طويلة انتهى.

وقيل: كان إخراجه في اليوم الذي خُلق فيه، لكن المراد من اليوم الإطلاق الثاني، أي ما مقداره كألف سنة، فيكون مكثه فيها زمانًا طويلًا (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: مثل هذا الخلاف مما لا فائدة فيه، حيث لم يستند إلى نص صحيح، فلا ينبغي الاشتغال به. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: زاد مسلم رحمه الله في أحر هذا الحديث: "ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة".

قيل: هذه القضايا ليست لذكر فضيلة يوم الجمعة، لأن إخراج آدم، وقيام الساعة، لا يعدان فضيلة، وإنما هو لبيان ما وقع فيه من الأمور العظام.

وقيل: بل جميعها فضائل، وخروج آدم -عليه السلام- ليس طردًا، كخروج إبليس، وإنما كان خروجه منها مسافرًا لقضاء أوطار، من وجود الذرَيّة الطيبة، من الرسل، والأنبياء، والصالحين، والعود إلى تلك الدار، وموته سبب لنيل ما أُعدّ له، ولذرّيّته الصالحين، من الكرامات. وقيام الساعة أعظم سبب لظهور رحمة الله تعالى، وإنجاز وعده لعباده الصالحين وتعجيل جزائهم.


(١) هذا الحديث أخرجه مسلم في "صحيحه"، وتكلم فيه علي بن المديني والبخاري، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وسمعه أبو هريرة منه، فاشتبه على بعض الرواة، فجعلوه مرفوعًا. انظر "تفسير ابن كثير" في "سورة البقرة" جـ ١ ص ٧٢.
(٢) راجع "المرعاة" جـ ٤ ص ٤٢٢ - ٤٢٣.