وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في "تحفة الذاكرين" بعد ذكر إبلاغ السلام إليه -صلى الله عليه وسلم- وعرض الصلاة عليه: ما لفظه: وظاهر الجميع أن كلّ صلاة وسلام تبلغه -صلى الله عليه وسلم-، وسواء كان ذلك يوم الجمعة، أو في غيره من الأيام والليالي، فلعلّ في العرض عليه زيادة على مجرد الإبلاغ إليه، ويكون ذلك من خصائص الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة انتهى (١).
(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ أَرَمْتَ؟) جملة حالية من الضمير المجرور. و"أرمت" بفتح الراء، وسكون الميم، وفتح التاء على الخطاب، على وزن ضَرَبتَ. يقال: أَرَمَ ما على المائدة يَأْرمه، من باب ضرب: أَكَلَهُ. ويُروَى "أَرِمْتَ " بكسر الراء: أي بليتَ. وقيل:"أُرمت" بضم الهمزة على البناء للمفعول، من الأَرْم، وهو الأَكْل، أي صرت مأكولا للأرض. وقيل:"أرَمَّتْ" -بالميم المشددة، والتاء الساكنة، أي أرَمَّت العظام، أي صارت رَميمًا، من رَمَّ الميت، وأرمَّ: إذا بلي. ويروى "أَرْمَمْتَ" بالميمين، أي صرت رميمًا، فعلى هذا يجوز أن يكون أرمتَ بحذف أحد الميمين، كما قالوا في ظللت، وأحسست ظلت، وأحست، كما قال ابن مالك رحمه الله:
ثم كُسرت الراء لالتقاء الساكنين، أو فُتحتْ تخفيفًا بنقل حركة الميم الأولى إليها.
وقال السندي رحمه الله تعالى في "شرحه": لابد ههنا أوّلًا من تحقيق لفظ "أرمت"، ثم النظر في السؤال والجواب، وبيان انطباقهما.
فأما "أرمت"، فبفتح الراء، كضربت، أصله أَرْممتَ، من أَرَمَّ بتشديد الميم: إذا صار رميمًا، فحذفوا إحدى الميمين، كما في "ظلت"، ولفظه إما على الخطاب، أو الغيبة، على أنه مسنَدٌ إلى العظام.
وقيل: من "أرم" بتخفيف الميم: أي فني، وكثيرًا ما يُروَى بتشديد الميم، والخطاب، فقيل: هي لغة ناس من العرب. وقيل: بل خطأ، والصواب سكون التاء، لتأنيث العظام، أو أرممت بفكّ الإدغام.
وأما تحقيق السؤال، فوجهه أنهم فهموا عموم الخطاب في قوله:"فإن صلاتكم معروضة" للحاضرين، ولمن يأتي بعده -صلى الله عليه وسلم-، ورأوا أن الموت في الظاهر مانع عن