ابن يزيد بن تميم، فظنّ أنه ابن جابر نفسه، وابن تميم ضعيف، وقد أشار غير واحد من الحفاظ إلى ما ذكره هؤلاء الأئمة.
وجواب هذا التعليل من وجوه:
أحدها: أن حسين بن علي الجعفي قد صرّح بسماعه له من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال ابن حبَّان في "صحيحه": حدثنا ابن خزيمة، حدثنا أبو كريب، حدثنا حسين ابن عليّ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فصرح بالسماع منه.
وقولهم: إنه ظنّ أنه ابن جابر، وإنما هو ابن تميم، فغلط في اسم جدّه بعيد، فإنه لم يكن يشتبه على حسين هذا بهذا، مع نقده، وعلمه بهما، وسماعه منهما.
فإن قيل: فقد قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب "العلل": سمعت أبي يقول: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر لا أعلم أحدًا من أهل العراق يحدّث عنه، والذي عندي أن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفيّ واحد، وهو عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، لأن أبا أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة خمسة أحاديث، أو ستة أحاديث منكرة، لا يحتمل أن يُحدث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر مثله، ولا أعلم أحداً من أهل الشام ووى عن ابن جابر من هذه الأحاديث شيئًا.
وأما حسين الجعفيّ، فإنه روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة أنه قال:"أفضل الأيام يوم الجمعة، فيه الصيحة، وفيه النفخة، وفيه كذا". وهو حديث منكر، لا أعلم أحدًا رواه غيرُ حسين الجعفي، وأما عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، فهو ضعيف الحديث، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة. تم كلامه.
قيل: قد تُكُلِّم في سماع حسين الجعفي، وأبي أسامة من ابن جابر، فأكثر أهل الحديث أنكروا سماع أبي أسامة منه.
قال شيخنا في "التهذيب"(١): قال ابن نمير -وذكر أبا أسامة- فقال: الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابرنرى أنه ليس بابن جابر المعروف، وذُكر لي أنه رجل يُسمّى باسم ابن جابر، قال يعقوب: صدق، هو عبد الرحمن بن فلان بن تميم، فدخل عليه أبو أسامة، فكتب عنه هذه الأحاديث، فروى عنه، وإنما هو إنسان يُسمى باسم ابن جابر، قال يعقوب: وكأني رأيت ابن نُمير يتهم أبا أسامة أنه علم ذلك، وعرف، ولكن تغافل عن ذلك، قال: وقال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه سائر حديثه الصحاح
(١) هو الحافظ أبو الحجاج المزيّ رحمه الله صاحب "تهذيب الكمال". المتوفى سنة (٧٤٢ هـ).