للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الثانية: في اختلاف الحُفّاظ في هذا الحديث:

ذهب جمع من الحفّاظ: إلى أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن حسينًا الجعفي لم يسمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الثقة، وإنما سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الشاميّ الضعيف، وروى عنه أحاديث منكرة، فغلط في نسبته.

وممن ذكر ذلك البخاريّ، وأبو زرعة، وأبو حاشم، وأبو داود، وابن حبّان، وغيرهم.

وأنكر ذلك آخرون، وقالوا: الذي سمعه منه حسين هو ابن جابر. قال العجليّ: سمع من ابن جابر حديثين في الجمعة. وكذا أنكر الدارقطني على من قال: إن حسينًا سمع من ابن تميم، وقال: إنما سمع من ابن تميم، هو أبو أسامة، وغلط في اسم جدّه، فقال: ابن جابر، وهو ابن تميم. ذكر هذا الكلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في "شرح علل الترمذي" (١).

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "جَلاء الأفهام" بعد أن أورد الحديث: ما نصه:

وقد أعله بعض الحفّاظ بأن حسينًا الجعفيّ إنما حدث به عن عبد الرحمن عن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، قال: ومن تأمل هذا الإسناد لم يشكّ في صحته، لثقة رُواته، وشهرتهم، وقبول الأئمة أحاديثهم.

وعلته أن حُسينًا الجعفى لم يسمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر،، وإنما سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم لا يُحتجّ به، فلما حدث به حسين الجعفيّ غلط في اسم الجدّ، فقال: ابن جابر.

وقد بَيَّنَ ذلك الحُفّاظ، ونبّهوا عليه، فقال البخاريّ في "التاريخ الكبير": عبد الرحمن ابن يزيد بن تميم السلمي الشاميّ، عن مكحول سمع منه الوليد بن مسلم عنده مناكير، ويقال: هو الذي روى عنه أبو أسامة، وحسين الجعفي، وقالا: هو ابن يزيد بن جابر، وغلطا في نسبه، ويزيد ابن تميم أصحّ، وهو ضعيف الحديث.

وقال الخطيب: روى الكوفيّون أحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ووهموا في ذلك، والحمل عليهم في تلك الأحاديث.

وقال موسى بن هارون الحافظ: روى أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكان ذلك وَهما منه، هو لم يلق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإنما لقي عبد الرحمن


(١) "شرح علل الترمذي" جـ ٢ ص ٨١٨ - ٨١٩.