للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فدل على أن الاغتسال لصلاة الجمعة، لا لليوم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة السابعة: في اختلاف أهل العلم هل الغسل للجنابة والجمعة واحد، أم لا؟

قال الإِمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: قال أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم: إن المغتسل للجنابة والجمعة غُسلًا واحدًا يجزئه. وروينا هذا القول عن ابن عمر، ومجاهد، ومكحول، ومالك، والثوريّ، والأوزاعي، والشافعيّ، وأبي ثور، وقال أحمد بن حنبل: أرجو أن يجزئه.

وأخرج عن ابن عمر-رضي الله عنهما-، أنه كان يغتسل من الجنابة والجمعة غُسلًا واحدًا.

قال: وروينا أن بعض ولد أبي قتادة دخل عليه يوم الجمعة ينفض رأسه، مغتسلًا، فقال: للجمعة اغتسلت؟ قال: لا، ولكن للجنابة، قال: فأعد غسلًا للجمعة انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: مذهب الجمهور في كون الغسل الواحد يكفي للجنابة والجمعة إذا نواهما هو الحقّ، ويدلّ عليه ما رواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق ابن إسحاق، قال حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن طاوس اليماني، قال: قلت لابن عباس: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، إلا أن تكونوا جُنُبًا، ومسوا من الطيب". قال: فقال ابن عباس: أما الطيب، فلا أدري، وأما الغسل، فنعم انتهى.

وجاء في هامش "الإحسان": هذا رواه شعيب، عن الزهري بلفظ: "وإن لم تكونوا جنبًا"، وروايته أصح (٢).

وقال في "الفتح": معناه اغتسلوا يوم الجمعة إن كنتم جنبًا للجنابة، وإن لم تكونوا جنبا للجمعة، وأخذ منه أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجزىء عن الجمعة، سواء نواه أو لا، وفي الاستدلال على ذلك بُعْد.

نعم رَوَى ابنُ حبان من طريق ابن إسحاق، عن الزهري في هذا الحديث: "اغتسلوا يوم الجمعة، إلا أن تكونوا جنبًا"، وهذا أوضح في الدلالة على المطلوب، لكن رواية شعيب عن الزهري أصح. انتهى.

والحاصل أن هذا الحديث يدل على أن الغسل الواحد يكفى للجنابة والجمعة، إذا نواه عنهما.


(١) "الأوسط" ٤/ ٤٣ - ٤٤.
(٢) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" ٧/ ٢١ بتحقيق شعيب الأرنؤط.