للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسافة ميلين، أو ثلاثة، وأبعدها ستة، وقيل: ثمانية، وتقدّم الكلام عليه في "كتاب المواقيت" -٨/ ٥٠٧ - (فَيَحْضُرُونَ الْجُمُعَةَ، وَبِهِمْ وَسَخٌ) جملة في محل نصب على الحال من فاعل "يحضر".

و"الوسخ" بفتحتين: ما يعلو الثوب وغيره من قلة التعهد، والجمع أوساخ (١).

وفي رواية الشيخين من طريق عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها-: قالت: كان الناس يَنتابون (٢) يوم الجمعة من منازلهم، والعوالي، فيأتون في الغبار، يُصيبهم الغبار والعرق، فيَخرُجُ منهم العَرَق، فأَتَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنسان منهم -وهو عندي- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا".

وفي رواية لهما: كان الناس مَهَنَةَ (٣) أنفسهم، وكانوا إذا راحوأ إلى الجمعة راحوا في هَيْئتهم، فقيل لهم: "لو اغتسلتم".

وأخرج أحمد في "مسنده" جـ ١ ص ٢٦٨ - وأبو داود في "سننه" -٣٥٣ - وصححه ابن خزيمة ١٧٥٥ - : عن عكرمة، أن ناسًا من أهل العراق جاءوا، فقالوا: يا ابن عبّاس، أترى الغسل يوم الجمعة واجبًا، قال: لا، ولكنه أطهر، وخير لمن أغتسل، ومن لم يغتسل، فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بدء الغسل؟ كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف، ويَعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقًا، مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم حارّ وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياحٌ آذى بذلك بعضهم بعضًا، فلما وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الريح، قال:

"أيها الناس إذا كان هذا اليوم، فاغتسلوا، وليمسّ أحدكم أفضل ما يجد من دهنه، وطيبه"، قال ابن عباس: ثم جاء الله تعالى ذكرُهُ بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العملَ، ووسع الله مسجدَهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضًا من العرق.

(فَإِذَا أَصَابَهُمُ الرَّوْحُ) بالفتح: نَسيم الريح (سَطَعَتْ أَرْوَاحُهُمْ) يقال: سطع الغُبَار، والرائحةُ يَسطَعُ -بفتحتين-: ارتفع. قاله الفيّومي.

و"الأرواح" جمع ريح بالكسر؛ لأن أصلها الواو، ويجمع على أرياح قليلًا، وعلى رياح كثيرًا، أي كانوا إذا مرّ عليهم النسيم، تَكَيّف بأرواحهم، وحملها إلى الناس (فَيَتَاذَّى بَها) أي يتضرّر بسبب خُبث تلك الأرواح، وفي نسخة "به"، أي بذلك الروح (النَّاسُ) أي الذين يحضرون المسجد لصلاة الجمعة (فَذُكرَ ذَلِكَ) ببناء الفعل للمفعول،


(١) "المصباح" ٢/ ٦٥٨.
(٢) أي يحضرونها نُوَبًا.
(٣) جمع ماهن، وهو الخادم.