الصحيح، وأنه مسلسل بالبصريين إلى الزهري، ومنه بالمدنيين، وأن شيخه أحد مشايخ الأئمة الستة بلا واسطة، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه من المكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ) رضي الله تعالى عنه (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) يحتمل أن تكون "كان" ناقصة، وأسمها محذوف، و"يوم" خبرها، أي إذا كان الوقت يوم الجمعة، ويحتمل أن تكون تامّة، و"يوم" فاعلها، أي إذا جاء يومُ الجمعة.
(قَعَدَت) ولفظ البخاري: "وقفت" (الْمَلَائكَةُ) هم غير الحفظة، وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة خاصّة، فقد أخرج أبو نعيم في "الحلية" من حديث ابن عمر مرفوعًا: "إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور، وأقلام من نور … " الحديث. قال الحافظ: وهو دالّ على أن الملائكة المذكورين غير الحفظة انتهى.
والمعنى أنهم يستمرّون من طلوع الفجر، وهو أول اليوم الشرعيّ، أو من طلوع الشمس، وهو أول النهار العرفيّ، أو من ارتفاع النهار، أو من حين الزوال، قال القاري: وهو أقرب، ورجّحه الشاه وفي الدهلويّ في "المسوى شرح الموطإ" جـ ١ ص ١٥٠، وإليه مال الشوكاني، وبه قالت المالكية، وهو وجه للشافعية، والأول ظاهر كلام الشافعي، وصححه النوويّ، والرافعيّ، وغيرهما، والثاني أيضًا وجه للشافعية، واختار الثالثَ ابنُ رُشد في "بداية المجتهد" (١)، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(عَلَى أَبْوَاب الْمَسْجد) وفي الرواية التالية: "على كل باب من أبواب المسجد"، وفي رواية البخاريّ: "على باب المسجد"، وعند ابن خزيمة: "على كل باب من أبواب المسجد ملكان، يكتبان الأول، فالأول"، قال الحافظ: فكأن المراد بقوله: "على باب المسجد" جنس الباب، ويكون من مقابلة المجموع بالمجموع، فلا حُجّة فيه لمن أجاز التعبير عن الاثنين بلفظ الجمع.
(فَكَتَبُوا مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ) وفي الرواية التالية: "يكتبون الناس على منازلهم، الأول، فالأول" (فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ) أي من مكانه ليصعد المنبر، أو المراد الخروج ظهوره بصعوده المنبر، وجلوسه عليه. والله تعالى أعلم (طَوَتِ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ) أي التي كانوا يكتبون فيها درجات السابقين على من يليهم في الفضيلة، وتقدم في حديث