للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما بوّب له المصنف رحمه الله تعالى، وهو مشروعية الأذان للجمعة.

ومنها: استحباب جلوس الإِمام على المنبر، خلافا لبعض الحنفية، واختُلف هل هو للأذان، أو لراحة الخطيب؟ فعلى الأول لا يسنّ في العيد، إذ لا أذان هناك. قاله في "الفتح".

ومنها: أن التأذين يكونْ قُبيل الخطبة.

ومنها: عدم مشروعية تأذين اثنين معًا، لقوله في الرواية التالية: "ولم يكن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير مؤذن واحد".

ومنها: أن الخطبة يوم الجمعة سابقة على الصلاة، ووجهه أن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة، وإذا كان يقع حين يجلس الإِمام على المنبر دلّ على سبق الخطبة على الصلاة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في حكم الأذان للجمعة:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وقد دلّ الحديث على أن الأذان الذي كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر، هو النداء الذي بين يدي الإِمام عند جلوسه على المنبر.

وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء، ولهذا قال أكثرهم: إنه هو الأذان الذي يمنع البيع، ويوجب السعي إلى الجمعة، حيث لم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- سواه.

وما ذكره ابن عبد البرّ عن طائفة من أصحابهم: أن هذا الأذان الذي يمنع البيع لم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما أحدثه هشام بن عبد الملك، فقد بيّن ابن عبد البر أن هذا جهل من قائله، لعدم معرفته بالسنة والآثار، فإن قال هذا الجاهل: إنه لم يكن أذان بالكلية في الجمعة، فقد باهتَ، ويكذّبه قول الله عز وجل: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة: ٩]، وإن زعم أن الأذان الذي كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر هو الأذان الأول الذي قبل خروج الإِمام، فقد أبطل، ويكذبه هذا الحديث، وإجماع العلماء على ذلك.

وقد أنكر عطاء الأذان الأول، وقال: إنما زاده الحجاج، قال: وإنما كان عثمان يدعو الناس دعاءً. أخرجه عبد الرزاق.

وقال عمرو بن دينار: إنما أراد عثمان الأذان بالمدينة، وأما مكة، فأول من زاده الحجاج، قال: ورأيت ابن الزبير لا يُؤَذَّنُ له حتى يجلس على المنبر، ولا يؤذن له إلا أذان واحد يوم الجمعة. أخرجه عبد الرزاق أيضًا.