للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى مصعب بن سَلّام، عن هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إنما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قعد على المنبر أذّن بلال، فإذا فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من خطبته أقام الصلاة، والأذان الأول بدعة.

وروى وكيع في "كتابه"، عن هشام راد الغاز، قال: سألت نافعًا عن الأذان يوم الجمعة؟ فقال: قال ابن عمر: بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وإن رآه الناس حسنًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لم يكن في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أذانان، أذان حين يجلس على المنبر، وأذان حين تقام الصلاة، قال: وهذا الأخير شيء أحدثه الناس بعدُ. أخرجه ابن أبي حاتم.

وقال سفيان الثوري: لا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس، وإذا أذن المؤذن قام الإِمام على المنبر، فخطب، وإذا نزل أقام الصلاة، قال: والأذان الذي كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر أذان وإقامة، وهذا الأذان الذي زادوه محدث.

وقال الشافعي -فيما حكاه ابن عبد البرّ- أحب إلي أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإِمام على المنبر بين يفيه، فإذا قعد أخذ المؤذن في الأذان، فإذا فرغ، قام، فخطب، قال: وكان عطاء يُنكر أن يكون عثمان أحدث الأذان الثاني، وقال: إنما أحدثه معاوية. قال الشافعي: وأيهما كان فالأذان الذي كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، هو الذي يُنهَى الناسُ عنده عن البيع (١).

ونقل حرب، عن إسحاق بن راهويه أن الأذان الأول للجمعة مُحدث، أحدثه عثمان، رأى أنه لا يسمعه إلا أن يزيد في المؤذنين ليُعلِمَ الأبعدين ذلك، فصار سنة، لأن على الخلفاء النظرَ في مثل ذلك للناس.

قال الحافظ ابن رجب: وهذا يُفهم منه أن ذلك راجع إلى رأي الإِمام، فإن احتاج إليه لكثرة الناس فعله، وإلا فلا حاجة إليه انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى باختصار (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين مما سبق أن ما زاده عثمان رضي الله من الأذان ليس محل إجماع، فقد ثبت إنكاره عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره، فما اقتضاه كلام ابن المنذر رحمه الله من دعوى اتفاق الأمة عليه، غير صحيح (٣).

والحاصل أن الأولى اتباع ما كان عدى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما قال الشافعي رحمه


(١) "الأم" جـ ١ ص ١٧٢ - ١٧٣.
(٢) "شرح صحيح البخاري" ٨/ ٢١٥ - ٢٢١.
(٣) راجع "الأوسط" ٤/ ٥٦.