للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَسَلَوْهُ وَحَنَّ جِذْعٌ إِلَيْهِ … وَقَلَوْهُ وَوَدَّهُ الْغُرَبَاءُ

قال البيهقي رحمه الله: قصّة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف، ورواية الأخبار الخاصّة فيها كالتكلّف.

ومنها: أن فيه دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكاً، كالحيوان، بل كأشرف الحيوان.

ومنها: أن فيه تأييداً لقول من يحمل قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤] على ظاهره.

[فائدة]: نقل ابن أبي حاتم رحمه الله في "مناقب الشافعي"، عن أبيه، عن عمرو بن سوّاد، عن الشافعي رحمه الله، قال: ما أعطى الله نبيّاً ما أعطى محمداً -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى، قال: أعطى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- حنين الجذع حتى سُمِع صوته، فهذا أكبر من ذلك انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب, وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف العلماء في حكم الخطبة للجمعة:

قال الإِمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: اختلف أهل العلم في الجمعة تُصلى، ولم يُخطب لها، فقالت طائفة: تجزيهم جمعتهم، خطب الإِمام, أو لم يخطب، هكذا قال الحسن البصريّ.

قال ابن المنذر: ولعل من حجة قائل هذا القول حديث عمر -رضي الله عنه-: "صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-".

وقالت طائفة: إذا لم يخطب الإِمام صلى أربعاً، كذلك قال عطاء، والنخعي، وقتادة، وبه قال سفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمَّد.

وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال: كانت الجمعة أربعاً، فجعلت الخطبة مكان الركعتين. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (١).

وقال أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى ردّاً على القائلين بالفرضية:

فأما أبو حنيفة، ومالك فقالا: الخطبة فرض، لا تجزىء صلاة الجمعة إلا بها، والوقوف في الخطبة فرض، واحتجّا بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم تناقضا، فقالا: إن خطب جالساً أجزأه، وإن خطب خطبة واحدة أجزأه، وإن لم يخطب لم يجزه.

قال: من الباطل أن يكون بعض فعله -صلى الله عليه وسلم- فرضاً، وبعضه غير فرض. وقال الشافعي:


(١) "الأوسط" جـ ٤ ص ٥٩ - ٦٠.