تشتاقوا إليه".
وفي حديث أبي سعيد عند الدارمي: "فأمر به أن يحفر له، ويدفن".
ولا تنافي بين رواية دفنه وبين ما رُوي أنّ أبي بن كعب -رضي الله عنه- أخذ ذلك الجذع لمّا هُدم المسجد، فلم يزل عنده حتى بلي، وعاد رُفَاتًا. لاحتمال أن يكون ظهر بعد الهدم عند التنظيف، فأخذه أبي بن كعب -رضي الله عنه-. قاله في "الفتح".
وفي حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- عند أبي نعيم. "فقال: ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة؟ فأقبل الناس عليها، فسمعوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم".
وفي حديث بريدة -رضي الله عنه- عند الدارميّ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه، فتكون كما كنت -يعني قبل أن تصير جذعاً- وإن شئت أن أغرسك في الجنة، فتشرب من أنهارها، فيحسن نبتك، وتثمر، فيأكل منك أولياء الله"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اختار أن أغرسه في الجنة". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب, وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما هذا أخرجه البخاري.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٧/ ١٣٩٦ - وفي "الكبرى" -٢١/ ١٧١٠ - بالسند المذكور.
وأخرجه (خ) ١/ ١٢٢ و٢/ ١١ و٣/ ٨٠ و٤/ ٢٣٧. (ق) ١٤١٧ (أحمد) ٣/ ٢٩٣ و٣/ ٢٩٥ و٣/ ٣٠٠ و٣/ ٣٠٦ و٣/ ٣٢٤. (الدارمي) ٣٣ و٣٤ و٣٥ و١٥٧٠. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنف رحمه الله تعالى، وهو بيان مقام الإِمام في حال خطبته، ففيه بيان استحباب قيام الإِمام على المنبر، أو على محلّ مرتفع، حتى يسمع الناس خطبته.
ومنها: أن فيه آيةَ بينةً، ومعجزة باهرةً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث حنّت إليه الجمادات، بينما يكذبه الذين يزعمون أنهم عقلاء، ويبغضونه، وهذا من العجب العُجَاب، ولقد أحسن من قال، وأجاب في المقال:
وَالْجَمَادَاتُ أَفْصَحَتْ بِالذِي أُخْـ .... ـرِسَ عَنْهُ لأَحْمَدَ الْفُصَحَاءُ
وَيْحَ قَوْمٍ جَفَوَا نَبِيًّا بِأَرْضٍ .... أَلِفَتْهُ ضِبَابَهُا وَالظِّبَاءُ