للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمر بها، فوُضعت هاهنا، ثم رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عليها، وكبّر، وهو عليها، ثم ركع، وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر, ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: "أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا، ولتعَلَّموا صلاتي" (١).

(وَاسْتَوَى عَلَيْه) أي ارتفع على ذلك المنبر (اضْطَرَبَت تِلْكَ السَّاريَةُ) أي تحركت (كَحَنين النَّاقَة، حَتَّى سَمعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِد) الظاهر أن قوله "كحنين الناقة" متعلق بمحذوف، أي وحَنَّتْ حَنيناً كحنين الناقة، أي كاشتياقها إلى ولدها، يقال: حنّت المرأة حَنيناً: اشتاقت إلى ولدها. قاله في "المصباح".

وفي رواية في "الكبرى": "اضطربت السارية كحنين الناقة الخَلُوج". والخَلُوج بفتح الخاء المعجمة، وضم اللام الخفيفة، آخره جيم: الناقة التي انتُزع منها ولدُها.

وفي رواية للبخاري من طريق أيمن، عن جابر -رضي الله عنه-: "فصاحت النخلة صياح الصبيّ"، وفي رواية له: "فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار". والعشار بكسر المهملة, بعدها معجمة خفيفة، جمع عُشَراء بضم، ففتح، وهي الناقة التي انتهت في حملها إلى عشرة أشهر.

وفي حديث أنس -رضي الله عنه- عند ابن خزيمة: "فحنّت الخشبة حنين الولد". وفي روايته الأخرى عند الدارميّ: "خَارَ ذلك الجذع كخُوَار الثور". وفي حديث أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عند أحمد، والدارميّ، وابن ماجه: "فلمّا جاوزه خار الجذع حتى تصدّع، وانشقّ".

(حَتَّى نَزَل إلَيْهَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-) أي من منبره (فَاعْتَنَقَها، فَسَكَتَتْ) وفي نسخة: "فسكنت". وفي رواية للبخاري: "ثم نزل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فضمها إليه, تئنّ أنين الصبي الذي يُسكّن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها".

وفي رواية الإسماعيلي، من طريق يحيى بن السكن، عن معاذ: فأتاه، فاحتضنه، فسكن، فقال: "لو لم أفعل لما سكن"، ونحوه في حديث ابن عباس عند الدارمي بلفظ: "لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة"، ولأبى عوانة، وابن خُزيمة، وأبي نعيم في حديث أنس: "والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة، حزناً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم أمر به، فدفن"، وأصله في الترمذيّ، دون الزيادة.

ووقع في رواية الحسن، عن أنس -صلى الله عليه وسلم-: "كان الحسن إذا حدّث بهذا الحديث يقول: يا معشر المسلمين الخشبة تحنّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شوقاً إلى لقائه، فأنتم أحقّ أن


(١) "صحيح البخاري" جـ ٢ ص ١١.