للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عما الله تعالى عنه: لكن مذهب المصنّف رحمه الله أنه يرى أن خطبة العيد كخطبة الجمعة يجب الإنصاف لها، فسيأتي له في "كتاب العيد" ترجمة بلفظ: "الإنصاتُ للخطبة"، ثم ساق حديث أبي هريرة المذكور بلفظ: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت". فأخذ من إطلاقه شمول الحديث لخطبة العيد. وفيه بحث، سيأتي هناك إن شاء الله تعالى.

(وَالإِمَامُ يَخْطُبُ) جملة حالية من فاعل "قال"، والرابط الواو. وفيه دلالة بأن ابتداء الإنصات من الشروع في الخطبة، وأن النهي من الكلام يختص بحال الخطبة، وردٌّ على من جعل وجوب الإنصات، والنهي عن الكلام من خروج الإِمام، نعم الأولى والأحسن الإنصات منه.

قال الجامع عفا الله عنه: كذا قيل: لكن ما تقدّم في رواية المصنف: "إذا جاء أحدكم، وقد خرج الإِمام، فليُصلّ ركعتين" يدلّ لمن قال بأن الإنصات من خروج الإمام، فقولهم أولى بالصواب. فليُتَنبَّه. والله تعالى أعلم.

(أَنْصتْ) قال في "الصحاح": الإنصاف السكوت، والاستماع للحديث. وقال في "المشارق": السكوت والاستماع لما يقال. وقال في "النهاية": أنصت: سَكَتَ سُكُوتَ مُستَمِع.

وهذه العبارة متفقة في المعنى، واقتصر في "المحكم" على أنه السكوت، ويوافقه عطفه في التنزيل على الاستماع في قوله تعالى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}.

قال وليّ الدين رحمه الله تعالى: وكذا قال أصحابنا الفقهاء: الإنصات هو السكوت، والاستماع شغل السمع بالسماع.

ويستعمل رباعيّاً، وهو أفصح، وثلاثيّاً، فيقال: أنصت، ونَصَتَ، فيجوز في قوله هنا: "انصت" قطع الهمزة، ووصلها، والأول أفصح، وأشهر، والصاد مكسورة على كلّ حال انتهى (١).

(فَقَدْ لَغَا)، وفي رواية لمسلم: "إذا قلت لصاحبك أنصت، فقد لغيت" بالياء، قال أبو الزناد: هي لغة أبي هريرة. وفي رواية هَمّام عن أبي هريرة مرفوعاً: "إذا قلت للناس أنصتوا، وهم يتكلّمون، فقد ألغيت على نفسك" (٢).

قال الأخفش: اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه. وقال ابن عرفة: اللغو السقط من القول. وقيل: الميل عن الصواب. وقيل: اللغو الإثم، كقوله تعالى:


(١) "طرح" ٣/ ١٩١.
(٢) أي أبطلت جمعتك على نفسك.